وفي هذا الخبر، أعني خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه، من طوافه ابن عباس بالبيت راكبا على بعيره، البيان أن من سنته في الطواف به: وإن لم يقدر عليه؛ لعجزه عن الوصول إلى استلامه بيده وتقبيله، فاستلامه بعصا إن كانت معه، وقيل ما ذكرت من التكبير، وتقبيل ما استلمه به. وإن لم يقدر على استلامه بيده وتقبيله، ولم يكن معه ما يستلمه به من عصا أو عود وقضيب، فالإشارة إليه بيده، أو ما معه مما يشير به إليه، وقيل ما ذكرت، ثم تقبيل يده التي أشار إليه بها، أو تقبيل ما أشار إليه به. لصحة الخبر استلام الحجر الأسود بيده إذا انتهى إليه الطائف في طوافه، وقول: "لا إله إلا الله والله أكبر" عند استلامه أو تقبيله إن قدر على ذلك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أتى عليه وهو راكب، أشار إليه بما معه وكبر، ثم قبل الذي أشار به إليه. وكان فعله ذلك كذلك، لأنه كان راكبا، ولم يكن له السبيل إلى استلام الحجر بيده وتقبيله وهو راكب، إلا بنزوله عن بعيره، فأشار إليه بمحجنه ، وكبر ، وقبل محجنه ، فقام ذلك من فعله مقام استلامه بيده وتقبيله إياه. فكان بينا بذلك من فعله: أن سنة كل طائف به لم يكن له السبيل إلى استلام الحجر بيده وتقبيله إلا بكلفة مؤونة ومشقة عليه، إما لحاجته إلى المزاحمة عليه، واحتمال مشقة من أجل الوصول إلى استلامه بيده وتقبيله، أو غير ذلك من الأسباب، فأشار إليه بيده، أو استلمه بما معه من قضيب أو عود، وكبر، ثم قبل ما استلمه به، أو يده التي أشار بها إليه، أن ذلك من فعله كذلك، يقوم مقام استلامه بيده وتقبيله إياه .
[ ص: 81 ]