وبيانا منه عليه السلام بذلك: أن الذي أمر بالسجود عليه من ذلك الجزء هو ما أمكن الساجد في حال سجوده إمساسه الأرض محاذيا به القبلة. فإن أشكلت معرفة ما قلنا من ذلك على ذي غباوة قيل له: أليس السجود على الآراب السبعة، وإذا ألزم الساجد السجود على الأنف مع الجبهة، كان ذلك إلزامه السجود على ثمانية آراب؟ فإن قال: نعم قيل: فما قلت في الساجد، هل يلزمه الإفضاء بأصابع يديه في سجوده مع راحتيه إلى الأرض، أم ذلك له غير لازم؟ فإن قال: ذلك له لازم. قيل: له: فالساجد إذا سجد على راحتيه مع أصابع كفيه ساجد على عضوين، أو على اثنى عشر عضوا؟ فإن قال: على اثنى عشر عضوا ترك قوله في ذلك، وخالف ظاهر خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أخبر أمته أنه أمر بالسجود على سبعة أعضاء، لا على خمسة وعشرين عضوا. فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه أمر أن يسجد على سبعة، ثم فصل ذلك بيمينه، إذ كان معلوما عند من خاطبه بذلك أن الجبهة والأنف كليهما جزءان من أجزاء أحد الآراب السبعة،
[ ص: 209 ] وإن قال: بل هو ساجد على عضوين. قيل له: أفليست الأصابع مما أمر بإمساسها الأرض مع راحتيه، وكل إصبع منها عضو من الأعضاء غير الأخرى منها؟ فكيف كان الساجد على الكفين بأصابعهما ساجدا على عضوين من السبعة، ولم يكن الساجد على وجهه بجبهته وأنفه ساجدا على عضو واحد من الأعضاء؟ ثم يعكس عليه القول في ذلك، فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله.