فمن ذلك رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في طين، فرئي أثر جبينه وأرنبته في الطين. أبي سعيد الخدري: قول "والأرنبة" طرف الأنف، ومنه قول ذي الرمة:
تثني الخمار على عرنين أرنبة شماء مارنها بالمسك مرثوم
وهي الروثة أيضا، وهي الخثرمة، ومن الروثة قول أبي كبير الهذلي:حتى انتهيت إلى فراش عزيزة سوداء روثة أنفها كالمخصف
[ ص: 214 ] وأما قوله في الخبر الآخر: فإن الجبين ما عن يمين الجبهة وشمالها من عظم الرأس، والجبهة بينهما. "فرئي أثر جبينه وترقوته في الماء والطين"
وأما قول للرجل الذي رآه قد أثر السجود بأنفه: لا تعلب صورتك، فإنه يعني بقوله: لا تعلب صورتك: لا تؤثر فيه أثرا فتقبحه بذلك، وأصل العلب: الأثر، يقال منه: علبت الشيء إذا أثرت فيه، فأنا أعلبه علبا وعلوبا، ومنه قول ابن عمر عدي بن الرقاع:
يتبعن ناجية كأن بدفها من غرض نسعتها علوب مواسم
وأما قول أبي مجلز: رجلا ساجدا قد شالت قدماه" عمر ، فإنه يعني بقوله: "قد شالت قدماه" قد ارتفعتا عن الأرض، يقال منه: شلت الحجر عن الأرض إذا رفعته عنها، وشال الشيء: إذا ارتفع، ومنه قول "رأى الأخطل في هجاء جرير بن عطية:
[ ص: 215 ]
وإذا وضعت أباك في ميزانهم قفزت حديدته إليك فشالا
وأما قول رأى أبي الشعثاء: رجلا ينتحي في سجوده فإنه يعني بقوله: ينتحي: يعتمد، يقال منه: انتحيت له بكذا، إذا اعتمدته به وقصدته، وهو انفعلت من قول القائل: نحوته بكذا، إذا قصدت نحوه به، كما قال ابن عمر الطرماح:
فنحا لأولاها بطعنة فيصل تمكو فرائصها من الإنهار
فصدت وانتحيت لها بعضب حسام غير مؤتشب يمان
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا أكفت": لا أكف، يقال منه: كففت الشيء وكفته بمعنى واحد . "ولا أكفت شعرا ولا ثوبا، فإنه يعني بقوله"
[ ص: 216 ]