فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: موسى صلوات الله عليه آدم أسحم" ، "رأيت يعني بالآدم، في لونه، وأنه يضرب إلى البياض، وكذلك كل لون ضرب إلى البياض من أي لون كان أحمر أو غيره، ولذلك قيل للظباء أدم، لميل حمرتها إلى البياض، ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمى في وصفه الظباء بذلك:
بها العين والآرام والأدم خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
يعني بالأدم، جمع أدماء، وهي ما وصفت من الظباء التي تضرب حمرتها إلى البياض، ويروى ذلك:بها العين والآرام يمشين خلفة
وأما الأسحم، فإنه الأسود، ومن ذلك قول أعشى بني قيس بن ثعلبة:
إذا بزلت من دنها فاح ريحها وقد أخرجت من أسحم الجوف أدهما
يمده آذي بحر عيلم خضراء ترمي بالغثاء الأسحم
[ ص: 463 ]
ومنه قيل لابن السحماء: ابن السحماء ، لسواد أمه، فنسب إليها، وإنما وصفه صلى الله عليه وسلم بالسحمة، وقد وصفه بالأدمة، مريدا بوصفه إياه بالسحمة سحمة شعره إن شاء الله، وبوصفه بالأدمة أدمة بشرة جسده وأما وصفه صلى الله عليه وسلم في حديث بأنه ضرب من الرجال، فإنه عنى بذلك أنه خفيف اللحم غير غليظ ولا ثقيل، وبذلك يوصف كل خفيف الجسم ذكي القلب من الرجال، ومن ذلك قول ابن المسيب طرفة بن العبد في وصفه نفسه بذلك:
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحية المتوقد
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عنه، في وصفه أبو هريرة موسى صلوات الله عليه بأنه جعد أقنى، فإن عنى بقوله: أقنى، أنه مرتفع وسط الأنف عن طرفيه، سائلة أرنبته، وذلك صفة القنا في الأنف، يقال للرجل إذا كان أنفه كذلك: رجل أقنى، وللمرأة امرأة قنواء، بينة القنا، من قوم قنو، ومن ذلك قول كعب بن زهير في صفة ناقة: .
[ ص: 464 ]
قنواء في حرتيها للبصير بها عتق مبين وفي الخدين تسهيل