الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              القول في البيان عما في هذا الخبر من الفقه:

              والذي فيه من ذلك، الإبانة عن صحة قول القائلين بأن من أتى فرجا محرما عليه إتيانه، عالما بتحريم الله إياه عليه، أن عليه من الحد مثل الذي أوجبه الله عليه،  إذا أتى ذلك من ابن آدم في حال حرام عليه إتيانه فيها منه

              فإن قال قائل، فإن الله تعالى ذكره إنما أوجب على من أتى ذلك من ابن آدم، وإذا أتاه وهو بالصفة التي ذكرت، جلد مائة، إذا كان بكرا حرا بقوله: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة والرجم إذا كان ثيبا محصنا،  بحكم الله ذلك على لسان رسوله، دون قتله قيل: إن الرجم قتل، وفي رجمه صلى الله عليه وسلم الحر المحصن إذا زنى، إبانة عن معنى قوله: "من أتى بهيمة فاقتلوه" ، وعن المراد منه، وأن معناه في ذلك: اقتلوه القتل الذي قتلته من فعل نظير فعله، من الزناة الذين أتوا الفروج المحرم عليهم إتيانها من بني آدم .

              [ ص: 557 ] فإن قال: فإن الذي قلت من ذلك غير موجود في الخبر، قيل: ولا الذي تقوله من أنه يقتل بالسيف موجود في الخبر، ولكنه موجود معناه في فعله بالزاني المحصن من الأحرار وكان معلوما بذلك من فعله: أن حكم كل من أتى فرجا محرما عليه إتيانه، ممن هو غير مالك ولا هو له زوج، وهو بالصفة التي وصفنا، إذا كان الذي أتى ذلك وهو بالصفة التي وصفنا: أن حكمه فيما يلزمه من العقوبة، حكم الذي حكم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم الذي وصفنا، إذا كان الذي أتى ذلك بالصفة التي ذكرنا، إذ كان الذي أتى ذلك من البهيمة، راكبا من معصية ربه نظير الذي ركبه الذي أتى ذلك من ابن آدم حراما، وهو بالصفة التي وصفت.

              فإن قال: وهل للسلف من أهل العلم في ذلك قول فتذكره لنا؟ قيل: نعم، وهم فيه مختلفون فمن قائل قال فيه مثل قولنا، ومن قائل: عليه التعزير ولا حد، ومن قائل: يحرق بالنار، ومن قائل: يقام عليه أدنى الحدين، ومن قائل: يرجم، أحصن أو لم يحصن، ومن قائل: لا حد عليه، ومن قائل: عقوبته إلى السلطان .

              [ ص: 558 ] ذكر من قال في ذلك قولنا

              التالي السابق


              الخدمات العلمية