الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              358 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا القاسم بن عمرو العبدي ، عن أبي جعفر ، وأيوب ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي جعفر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " من ذكرت عنده فلم يصل علي - قال أحدهما : فقد خطئ طريق الجنة ،  وقال الآخر : فقد نسي طريق الجنة " .

              [ ص: 228 ] في نظائر لهذه الأخبار كرهنا استيعابها ، استغناء بما ذكرنا ، من ذلك عما لم يذكر منه .

              وإنما قلنا الأمر الذي أمر الله به - جل ثناؤه - من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في كتابه بمعنى الندب ، لإجماع جميع المتقدمين والمتأخرين من علماء الأمة على أن ذلك غير لازم فرضا أحدا ، حتى يكون تاركه من ذلك في حال أخرى .

              ولو كان ذلك فرضا في حال ، كسائر الفروض أثم بتركه فيها تاركه ، ولزمه قضاؤه في حال أخرى ، كما يلزم تارك الصلاة في وقتها أداؤها في وقت آخر ، وإن خرج وقتها ، وتارك صوم يوم من شهر رمضان قضاؤه في يوم آخر ، وغير ذلك من سائر الفروض التي أوجبها الله على عباده ، وألزمهم العمل بها ، فلما كان إجماعا من جميع الأمة : أن العمل بذلك غير فرض على أحد من الناس في حال إذا أخره عنها لزمه قضاؤه ، [ ص: 229 ] وكان تأخيره إياه عنها مضيعا فرضا لله عليه ، علم أن الأمر من الله - تعالى ذكره - به على ما بينا من وجه الندب لا على وجه الفرض والإلزام .

              فإن قال : وكيف يدعى من الأمة إجماعا على ما قلت ، وقد علمت أن بعض المتأخرين كان يزعم أن ذلك فرض واجب في الصلاة ، وأن من تشهد التشهد الآخر من صلاته ، ثم سلم عامدا قبل أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو يعلم أنه لم يصل عليه ، أن صلاته فاسدة عليه استقبالها ، وأنه إن سلم ناسيا الصلاة عليه ، فعليه إن كان قريبا أن يعود ، فيجلس فيصلي على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ويسجد سجدتي السهو ، وعليه إن كان قد تباعد من موضعه أن يبتدئ صلاته ، ويستقبل قضاءها .

              وقد علمت - مع ذلك - ما :

              التالي السابق


              الخدمات العلمية