الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              ( ذكر من حدث هذا الحديث عن أبي سلمة فجعله عنه عن طلحة ولم يدخل بينهما أبا هريرة )

              678 - حدثني محمد بن معمر البحراني ، قال: حدثنا أبو عامر ، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن يزيد بن عبد الله ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن طلحة بن عبيد الله: " أن رجلين من بلي قدما على رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وكان إسلامهما جميعا، وكان أحدهما أشد اجتهادا من الآخر، فغزا المجتهد منهما، فاستشهد، ثم مكث الآخر بعده سنة، ثم توفي.

              قال طلحة: بينا أنا عند باب الجنة إذ أتي بهما فخرج خارج، فأذن للذي توفي الآخر منهما، ثم رجع فأذن للذي استشهد، ثم رجع إلي فقال: ارجع، فإنه لم ينأ لك بعد! وأصبح طلحة يحدث الناس عجبا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - [ ص: 370 ] وحدثه الحديث، فقال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: " من أي ذلك تعجبون؟ ".

              قالوا: يا رسول الله هذا كان أشد الرجلين اجتهادا، ثم استشهد في سبيل الله، فدخل الآخر الجنة قبله فقال: " أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ " قالوا: بلى قال: " وأدرك رمضان وصامه، وصلى كذا وكذا سجدة في السنة؟ ".

              قالوا: بلى! قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: " فلما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض
                ".


              [ ص: 371 ]

              679 - وحدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال: حدثنا ابن أبي مريم ، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب ، وابن لهيعة قالا: حدثنا ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن طلحة بن عبيد الله: " أن رجلين قدما على رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ثم ذكر مثله، غير أنه قال في حديثه: " ثم رجع إلي، وقال: ارجع; فإنه لم يأن لك بعد ".

              وقد وافق طلحة في رواية معنى هذا الخبر: عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - جماعة من أصحابه، نذكر ما صح من ذلك - عندنا - سنده، ثم نتبع جميعه البيان، إن شاء الله.

              ( ذكر ذلك )

              680 - حدثنا ابن حميد ، قال: حدثنا جرير ، عن منصور ، عن عمرو بن مرة الجملي ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال: كنا عند فلان - وعندنا عبد الله بن ربيعة - فحدثنا عبد الله بن ربيعة ، عن عبيد بن خالد - وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال: " آخى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بين رجلين فاستشهد أحدهما، وبقي الآخر بعده عاما، ثم مات فاتبعنا جنازته، ومعنا نبي الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فجعلنا ندعو الله ونرغب إليه أن يلحقه بصاحبه فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: أيهما تعدون أفضل؟ فقلنا: الله ورسوله أعلم ثم قلنا: الشهيد أفضلهما فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: " ألا تعدون لهذا فضيلته: صلاته، وعمله بعد عمله لما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض   ".

              [ ص: 372 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية