وأما صوم يوم عاشوراء.
فإن الأخبار فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متتابعة بأنه كان يصومه ويحث على صومه قبل أن يفرض شهر رمضان.
ثم اختلف أهل العلم في حكم صومه اليوم، هل هو في فضله وعظم ثوابه على مثل الذي كان عليه قبل أن يفرض رمضان، أم ذلك اليوم بخلافه يومئذ؟ فقال بعضهم: كان ذلك يوما يصومه أهل الجاهلية في الجاهلية، فلما جاء الإسلام صامه المسلمون قبل أن يفرض صوم شهر رمضان، فلما فرض صوم رمضان ترك صومه، فكان من شاء صامه، ومن شاء لم يصمه [ ص: 370 ]
وقال آخرون: بل كان ذلك يوما تصومه اليهود؛ شكرا لله تعالى على أن نجى الله موسى وبني إسرائيل من فرعون وقومه، وقطع به وبهم البحر، وأغرق فرعون وقومه، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم قبل أن يفرض عليه صوم شهر رمضان، وأمر بصومه، فلما نزل فرض صومه لم يأمر بصومه ولم ينه عنه، فكان من شاء صامه، ومن شاء أفطره.
وقال آخرون: بل لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، ويحث على صومه أمته حتى مضى لسبيله.
ونحن مبينو الصواب لدينا من القول في ذلك، بعد ذكرنا الأخبار المروية عن قائلي الأقوال التي وصفنا، وبعد بياننا ما يحتمله كل قول من العلة المؤيدته