والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن كان مما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمته قبل نزول فرض شهر رمضان، كالذي تتابعت به الأخبار التي ذكرناها قبل عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يأمرهم بذلك قبل وجوب صوم شهر رمضان، فلما فرض الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به صوم شهر رمضان، لم ينههم عن صومه، ولم يأمرهم بصومه الأمر الذي كان يأمرهم به قبل وجوب صوم شهر رمضان، ولكنه كان يندبهم إلى صومه، بتعريفه إياهم ما لهم فيه من الأجر والثواب، فمن صامه طالبا به الأجر من الله عز وجل، متحريا بصومه إدراك ما وعد الله تعالى صائميه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الثواب، رجونا له إدراك ما أمل ورجا به من الله تعالى، ومن ترك صومه، وآثر الإفطار فيه على صومه؛ إيثارا منه ما هو أفضل منه من الأعمال عليه، رجونا له أيضا بذلك أن يدرك ما أمل بإفطاره وإيثار غيره من العمل الذي هو أفضل عليه، ومن أفطره لقولي ذلك، فإنما هو تارك فضل، لا لوم عليه في تركه. صوم يوم عاشوراء