1055 - حدثنا نا أحمد، نا محمد بن موسى البصري، عن هوذة بن خليفة، عبد الله بن أبي المغيرة؛ قال: [ ص: 448 ] كتب إلي أما بعد، الفضل بن عيسى: إذ صيرتهم في وعثاء ووغر، العيش فيها مذموم، والسرور فيها لا يدوم؛ فكيف يدوم عيش تغيره الآفات، وتنوبه الفجيعات، وتسوق أهله إلى المنايا؟ إنما هم فيها أغراض مستهدفة، والحتوف لهم مستشرفة، ترميهم بسهامها، وتغشاهم بحمامها، لا بد لهم من الورود للقيامة والوقوف على ما قد عملوا؛ فليس منه مذهب، ولا عنه مهرب؛ فاجتنب دارا يقلص ظلها، ويفنى أهلها، قد أضحت منهم الديار قفارا، قد انهارت دعائمها، وتنكرت معالمها، واستبدلوا بها القبور الموحشة التي استبطنت بالخراب، وأسست بالتراب؛ فساكنها مغترب، ومحلها مقترب، بين أهل موحشين، [ ص: 449 ] وذوي محلة متشاسعين، لا يستأنسون بالعمران، ولا يتواصلون بتواصل الجيران، قد اقترنوا في المنازل، وتشاغلوا عن التواصل؛ فلم أر مثلهم جيران محلة، لا يتزاورون على ما بينهم من الجوار وتقارب الديار، وأني بذلك منهم وقد طحنهم بكلكله البلاء، وأكلتهم الجنادل والثرى، وصاروا بعد الحياة رفاتا، قد فجع بهم الأحباب، وارتهنوا فليس لهم إياب، وكأن قد صرنا إلى ما إليه صاروا؛ فنرثهم في ذلك المضجع، ويضمنا ذلك المستودع، نؤخذ بالقهر والاعتسار، وليس ينفع منه شفق الحذار، ننتظر الفزع الأكبر، والوقوف بين يدي من لا تأخذه سنة ولا نوم. فإن الدار التي أصبحنا فيها دار بالبلاء محفوفة، وبالفناء موصوفة، كل ما فيها إلى زوال، بينما أهلها فيها في رخاء وسرور؛