547 - حدثنا نا أحمد، ابن السري البغدادي، نا قال: قال محمد بن مصعب؛ يوم مات ابن السماك في كلام له: إن داود الطائي داود نظر بقلبه إلى ما بين يديه من آخرته، فأغشى بصر القلب بصر العين، فكان كأنه لا ينظر إلا إليه، ثم قال: يا داود! ما أعجب شأنك من أهل زمانك! أهنت نفسك وأنت إنما تريد إكرامها، وأتعبتها وإنما تريد راحتها، أخشنت المطعم وإنما تريد طيبه، وأخشنت الملبس وإنما تريد لينه، ثم أمت نفسك قبل أن تموت، وقبرتها قبل أن تقبر، وعذبتها قبل أن تعذب، وأتعبت العابد من بعدك، سجنت نفسك في بيتك، ولا محدث لك، ولا جليس معك، ولا فراش تحتك، ولا ستر على بابك، ولا قلة تبرد فيها ماءك، ولا صحفة يكون لك فيها غداؤك وعشاؤك، وما اشتهيت شيئا من الطعام والشراب ولا لين الثياب؛ بل أنساك ذلك كله وزفير جهنم وقيودها وسلاسلها وأنكالها وأغلالها؛ فالحمد لله الذي لا يضيع سعي المطيعين، ولا ينسى إنابتهم وبكاءهم [ ص: 378 ] آناء الليل وآناء النهار. هول يوم القيامة،