وقال الشيخ كان لأبي رضي الله عنه أبو عبد الله : ببغداد شركاء وكان فيهم رجل يعرف بأبي بكر فقال لأبي ابعث بابنك إلى بغداد ليسمع الحديث فقال : إنه صغير فقال أبو بكر : أنا أحمله معي فحملني إلى بغداد فجئت إلى وهو يقرأ عليه الحديث فقال لي بعضهم : سل الشيخ أن يخرج إليك معجمه لتقرأه عليه ولم أعلم أن له معجما فسألت ابنه أو ابن ابنته في باب المعجم فقال : إنه يريد دراهم كثيرة فقلت لأمي طاق ملحم فآخذه منها وأبيعه ثم قرأنا عليه كتاب المعجم في نفر خاص في مدة عشرة أيام أو أقل أو أكثر وذلك في آخر سنة خمس عشرة وأول سنة ست عشرة . ابن منيع
قال الشيخ أذكره وقد قال : حدثنا سنة أربع وعشرين ومائتين فقال إسحاق بن إسماعيل الطالقاني المستملي : خذوا هذا قبل أن يولد كل محدث على وجه الأرض اليوم .
قال : وسمعت المستملي واسمه أبو عبد الله بن مهران يقول له : متى ذكرت يا ثلث الإسلام ؟ .
وقرأت بخط أخي أبي القاسم رحمه الله : سمعت الشيخ أبا الحسن علي بن [ ص: 146 ] الحسين بن أحمد بن إبراهيم الزاهد إملاء سمعت أبا مسعود أحمد بن محمد البجلي الحافظ أحد أولاد أبي بكر الإسماعيلي يقول : أحببت الحنبلية مذ رأيت أبا عبد الله بن بطة .
قال : وسمعت أبا علي بن شهاب يقول : كنت بمكة فوقفت على بعض أولاد أبي بكر الإسماعيلي فذكر كتاب المعجم وقال : في أثناء كلامه بخط وراق له يعني لأبي عبد الله بن بطة فقلت له : هو الذي يكلمك .
قال : وسمعت أبا علي بن شهاب يقول : سمعت أبا عبد الله بن بطة يقول أستعمل عند منامي أربعين حديثا رويت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال : وسمعت أبا علي بن شهاب يقول : رأيت أبا عبد الله بن بطة وقد صلى صلاة الجمعة ببغداد أو في جامع المنصور وخرج بعد الصلاة فمشى في الصحن الذي يلي المنبر فقال الناس في الرواق وما يليه ابن بطة فرأيت الناس يهرعون إليه .
قال : وسمعت نصر بن الفرج البزار يقول : دخلت على أبي عبد الله بن بطة وهو صائم في يوم شديد الحر فرأيته وقد وضع صدره على طوابق مغسولة يتبرد بذلك .
قال : وسمعت أبا علي بن شهاب يقول دخلت على أبي عبد الله بن بطة بين العشاءين وهو متوار فقال لي : إنني أشرب ماء البئر وكان قد اختفى لأمر طغا وأظنه من سلطان ودفع إلى كتاب العزلة .
قال : وسمعت من يذكر أنه كان يجلس في مجلسه يوم الجمعة متوجها إلى القبلة والناس بين يديه وكان يتطيلس بإزار مربع على رأسه فربما استنكر شيئا يظهر من حلقته من حديث أو نحوه فيومئ فيقول أحسنوا الأدب فيحتشم الناس ذلك وينكفوا .
قال : وسمعت أبا علي بن شهاب يقول حضرت مجلس وقد [ ص: 147 ] حضره مؤدبي أبي عبد الله أبو إسحاق الضرير فقال له : لو اشتغلت بشيء من العربية أو كلاما هذا معناه فقال : هذا مسند أحمد يأخذ أحدكم جزء شاء ويقرأ علي الإسناد لأذكر المتن أو المتن لأذكر الإسناد فاحتشمناه أن نقول له ذلك أو كما قال .
قال أخي أبو القاسم رحمه الله : وذكر أن أبا عبد الله بن بطة كان يسرد الصوم وكان بعينه ناصور وقد وصف وقد وصف له ترك العشاء فكان يجعل عشاءه قبل الفجر بيسير ولا ينام حتى يصبح وكان عالما بمنازل الفجر والقمر .
قلت أنا : وحكى لي أبو الفتح العكبري قال : وجدت بخط أبي قال اجتاز الشيخ أبو عبد الله بن بطة بالأحنف العكبري فقام له فشق ذلك عليه فأنشأ يقول :
لا تلمني على القيام فحقي حين تبدو أن لا أمل القياما أنت من أكرم البرية عندي
ومن الحق أن أجل الكراما
أنت إن كنت لا عدمتك ترعى لي حقا وتظهر الإعظاما
فلك الفضل في التقدم والعل م ولسنا نحب منك احتشاما
فاعفني الآن من قيامك أولا فسأجزيك بالقيام قياما
وأنا كاره لذلك جدا إن فيه تملقا وأثاما
لا تكلف أخاك أن يتلقاه بما يستحل فيه الحراما
فإذا صحت الضمائر منا اكتفينا أن نتعب الأجساما
كلنا واثق بود مصا فيه ففيما انزعاجنا وعلاما ؟