الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
653 - الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي بن شهاب أبو علي العكبري :

له الفقه والأدب والإقراء والحديث والشعر والفتيا الواسعة .

لازم أبا عبد الله بن بطة إلى حين وفاته .

ولد بعكبرا في المحرم سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة وقيل سنة إحدى وثلاثين وسمع الحديث على كبر السن من أبي علي بن الصواف ، وأحمد بن يوسف بن خلاد ، وأبي علي الطوماري في آخرين .

أخبرنا أحمد البغدادي قراءة قال : أخبرنا أبو علي بن شهاب الدين الحنبلي بعكبرا قال : أخبرنا يوسف حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا محمد [ ص: 187 ] بن عبد الوهاب حدثنا محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضع الرجل رجليه إحداهما على الأخرى وهو متكئ .  

وقال الخطيب : سمعت البرقاني وذكر بحضرته ابن شهاب فقال : ثقة أمين .

وقال ابن شهاب : كسبت في الوراقة خمسة وعشرين ألف درهم راضية وكنت أشتري كاغذا بخمسة دراهم فأكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال وأبيعه بمائتي درهم وأقله بمائة وخمسين درهم .

قرأت بخط أبي القاسم قال : سمعت أبا الحسن الزاهد يقول : سمعت أبا علي بن شهاب يقول : أقام أخي أبو الخطاب معي في الدار عشرين سنة ما كلمته وأشار إلي أنه ينسب إلى الرفض له المصنفات في الفقه والفرائض والنحو .

وتوفي في رجب سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ودفن بعكبرا وزرت قبره .

وقال الأزهري : أخذ السلطان من تركة ابن شهاب ما قدره ألف دينار سوى ما خلفه من الكروم والعقار وكان قد أوصى بثلث ماله لمتفقهة الحنابلة فلم يعطوا شيئا .

وقيل إنه صلى سبعين سنة التراويح .

وقد رثاه علي بن الفرج العكبري فقال :


يا عين ما فيض الدماء بعاب فأبكي أربعة على ابن شهاب     علم من الأعلام غيب في الثرى
فثوي رهين جنادل وتراب     يا موت كم أسكنت في دار البلى
من سيد وغلبت من غلاب ؟     لهفي على من كان أفصح ناطق
وأجل معتمد لأخذ جواب [ ص: 188 ]     لو كان يدري القبر من في لحده
لرقى إلى العلياء في الأنساب     يا عكبراء لقد فجعت بسيد
جم المحاسن طاهر الأثواب     فلقد فقدت به مصابيح الدجى
من بين أشياخ وبين شباب     إن كان شخص أبي علي قد مضى
فحديثه باق على الأعقاب

ونقلت من خط الوالد السعيد رضي الله عنه أبياتا لابن شهاب لما عاون عرب طور سيناء على بناء البيعة بعكبرا :


أردتكم حصنا حصينا لتدفعوا     نبال العدى عني فكنتم نصالها
فيا ليت إذ لم تحفظوا لي مودتي     وقفتم فكنتم لا عليها ولا لها
فيا سيف دين الله لا تنب عن هدى     ودولة آل هاشم وكمالها
أعيذك بالرحمن أن تنصر الهوى     فتلك لعمري عثرة لن تقالها
أفي حكم حق الشكر إنشاء بيعة الن     صارى لتتلو كفرها وضلالها
يشيد موذينا الدمشقي بيعة     بأرضك تبنيها له لينالها
وينفق فيها مال حران والرها     وتفتيحها قسرا وتسبي رجالها
وترغم أنف المسلمين بأسرهم     وتلزمهم شنآنها ووبالها
أبي ذاك ما تتلوه في كل سورة     فتعرف منها حرمها وحلالها
ويركب في أسواقنا متبخترا     بأعلاج روم قد أطالت سبالها
فخذ ماله واقتله واستصف حاله     بذا أمر الله الكريم وقالها
ولا تسمعن قول الشهود فإنهم     طغاة بغاة يكذبون مقالها
ويوفون دنياهم بإتلاف دينهم     ليرضوك حتى يحفظا منك مالها



التالي السابق


الخدمات العلمية