وكان يقسم ليله كله أقساما فقسم للمنام وقسم للقيام وقسم لتصنيف الحلال والحرام .
ولقد نزل به ما نزل بغيره من النكبات التي استكان لها كثير من ذوي المروءات وخرج بها عن مألوفات العادات فلم يحفظ عليه أنه خرج عن جميل عاداته ولا طرح المألوف من مروءاته .
ومن شاهد ما كان عليه من السكينة والوقار وما كسا الله وجهه من الأنوار مع السكون والسمت الصالح والعقل الغزير الراجح : شهد له بالدين والفضل ضرورة واستدل بذلك على محاسنه الخفية المستورة .
هذا مع الأناة والحلم الذي به يزان العلم وحمله للأذى في جنب الإيمان والتصديق بالأحاديث التي هي عن صاحب الشريعة - صلى الله عليه وسلم - مروية وكم قصده من أعداء المروءة والدين من قاصد باغ ومبتدع طاغ جامع في إزعاجه [ ص: 204 ] ومنفر عن منهاجه فعاد خاسئا ذليلا وبحسرة الظفر قتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا
وقد أنشد بعض الشعراء في مثله :
تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا