قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ذهبت النبوة فلا نبوة بعدي وبقيت المبشرات قالوا : وما المبشرات ؟ قال : رؤيا المسلم الحسنة يراها المسلم أو ترى له " رواه حذيفة .
رضي الله عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى عبادة بن الصامت الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال : " هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له " . وسأل
وروى رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أبو هريرة " من رآني في المنام فقد رآني في اليقظة إن الشيطان لا يتمثل بي " .
سمعت سعودا الحبشي الصوفي يقول : لم أدرك الصلاة على القاضي الإمام [ ص: 219 ] أبي يعلى بن الفراء فبقيت ضيق الصدر فلما كان أول جمعة أتت على موته وأنا مصعد في الدجلة قرب الزاهر إذ دخل شيخ هناك عليه آثار النسك فقال لي : السلام عليك ثم قال : أنت سعود مولى ابن يوسف ؟ قلت : نعم قال إن ألقي إليك شيء تلقيه إلى صاحبك ؟ قلت : نعم قال : رأيت البارحة وهي ليلة الجمعة كأني بائت في رباط الزوزني مقابل جامع المنصور وقد أقبل عشرة أنفس من نحو باب الشام يقدمهم شخص لم أر كهيئته ونوره فقلت لأحدهم : من أنتم ؟ فقال : هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن العشرة فقلت : ما الذي جاء به - صلى الله عليه وسلم - وبكم فقال : سل نبيك فقلت : يا رسول الله أنت بالمدينة فما الذي جاء بك ؟ فقال : جئت وأصحابي صليت على أبي يعلى بن الفراء فقلت له : من أقول لصاحبي الذي رأى هذه الرؤيا ؟ فقال : ما عليك هذا لفظه أو كما قال .
وسمعت أحمد بن العلثي الزاهد يقول : رأيت القاضي بعد وفاته في الشهر الذي توفي فيه في إحدى ليالي القدر وقد ازداد حسنا إلى حسنه ونورا إلى نوره وكأنه ميت وهو ملقى على ظهره فقلت : ما أحسن ما قد صار القاضي وقد جاءوه بماء أو ماء ورد فأخذ بإحدى يديه فأمرها على الجانب الآخر وأخذ بيده الأخرى فأمرها على الجانب الآخر فعجبت من ذلك ثم جاءوه بكفن من حرير لم أر مثل حسنه فأدرج فيه وحفر له بركة عرضها شبه عرض باريتين ودفن في تلك البركة وخلق عظيم على رأس تلك البركة فنظرت إذا بالقرب من تلك البركة سبائك وعليه نعش وعلى النعش ميت مكفن بكفن أبيض لم أر مثل بياضه فعرفت من ذلك الخلق صاحبا للقاضي أبي يعلى أعجميا يدعى [ ص: 220 ] بأبي حكيم فقلت له : من هذا الذي على النعش على السبايك ؟ فقال : القاضي أبا يعلى فقلت له : يا أبا حكيم أليس قد دفن القاضي في هذه البركة ؟ فقال : ذاك المدفون في البركة يزوره الخلق وهذا رفعناه مكانا عليا أو كما قال . أبو يعلى
وسمعت محمد بن مواهب يقول : سمعت أبا الحسن بن جدا يقول : كنت نائما في داري ليلة مات القاضي أبو يعلى فهتف لي هاتف وقال :
ما العيش بعدك مستطاب هيهات أن يغشى لمثلك باب
فانتبهت فلما أسفر الفجر سمعت مناديا ينادي من أراد الصلاة على القاضي الإمام أبي يعلى فعلمت أن الهاتف وبيت الشعر لأجله .قال ابن جدا : سألت الله تعالى بعد موت القاضي الإمام أبي يعلى أن أراه في النوم فرأيته فقلت : ما فعل الله بك ؟ فقال لي : يا أبا الحسين وحقك لقد هدينا لأمر عظيم .
قال ابن جدا : وسألت الله أن أرى القاضي في النوم دفعة أخرى فقلت : يا سيدي كيف المذهب ثم ؟ فقال لي : يا أبا الحسن المذهب بيننا وبين جهنم سد من حديد . أبا يعلى
قلت أنا : وقال " ما حدثك الميت بشيء في النوم فهو حق لأنه في دار حق " . ابن سيرين :
وسمعت بعض أصحابنا يقول : رأيت ابن بكير العكبري في النوم بعد موته فقلت له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أنا عند القاضي أبي يعلى فقلت له : لقد علمت أنك قريب من تربته فقال : أنا عنده في الجنة أو كما قال .
وسمعت أحمد بن علي الحنبلي يقول : حكى لي سعيد بن جعفر قال : كنت عند بعض شيوخي فدخل بعض أصحابي فقال : رأيت كأني في جامع باكرما [ ص: 221 ] وهي قرية على نهر ملك وجمع مجتمع فدخلت إلى الجامع فرأيت ثلاثة أشخاص على المنبر فقلت لبعض من كان بقربي : من هؤلاء ؟ فقال لي : هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، وعمر فقلت : يا رسول الله بمن الاقتداء فأومأ إلى شيخ قاعد على المرقاة التحتانية من المنبر فقلت : لمن كان بقربي من هذا الشيخ ؟ فقال لي : هذا أبو يعلى بن الفراء أو كما قال .
قال : وقرأت بخط شيخنا الشريف أبي جعفر قال : رأيت شيخنا يعني الوالد السعيد في المنام وهو في أحسن صورة رأيته في دار الدنيا وكأنه شاب في لحيته طاقات بياض يسيرة جدا وهو بمسجده بباب الشعير فتقدمت لأسلم عليه فقال : سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة .
وكتب إلي علي بن محمد بن المسبح قال : حدثني أبي قال : أريت في منامي كأن قائلا يقول لي : مات في هذه الليلة فارثه فانتبهت مرعوبا وقلت : لعله بدعة تظهر وسنة تموت فوالله ما كان إلا أيام قلائل فوصلتني مكاتبة القاضي أحمد بن حنبل أبي علي يعقوب بوفاة الإمام أبي يعلى في الليلة التي رأيت فيها المنام .
قال : وذكرت قول القائل : ارثه فقلت : ما لم أرضه وما زلت حتى قلت هذه الأبيات :
مات السدي والندى والمجد والكرم والعالم اليقظ المستبصر العلم
مات الإمام أبو يعلى الذي ندبت لفقده الكعبة الغراء والحرم
يا أيها العالم الحبر الذي كسفت شمس الهدى بعده بل عادها الظلم
لولاك ما كان للدنيا وساكنها معنى ولا عرفت طرق الهدى الأمم
ولا روي عن رسول الله مآثره ولا قضى بصحيح عبر فيك فم
لم يبلغ الحنبلي الحبر مرتبة إلا على رأسها من جسمك القدم
مادت بنا الأرض وارتجت بساكنها لما قبرت وكاد الدين ينهدم