الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
997 - حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي رحمه الله ، أنا أبو القاسم عبيد الله بن إبراهيم بن بالويه المزكي ، نا أحمد بن يوسف ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن همام بن منبه ، قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيفرح أحدكم براحلته إذا ضلت منه ثم وجدها " . قالوا : نعم يا رسول الله . قال : والذي نفس محمد بيده لله أشد فرحا بتوبة عبده إذا تاب من أحدكم براحلته إذا وجدها   " . رواه مسلم في الصحيح ، عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق ، وأخرجه أيضا من حديث أبي صالح ، والأعرج عن أبي هريرة ، ومن حديث النعمان بن بشير ، والبراء بن عازب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال أبو سليمان : قوله : " لله أفرح " . معناه : أرضى بالتوبة وأقبل لها . والفرح الذي يتعارفه الناس من نعوت بني آدم غير جائز على الله عز وجل ، إنما معناه الرضى ، [ ص: 421 ] كقوله : كل حزب بما لديهم فرحون أي : راضون ، والله أعلم . وقال أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من كتابه : الفرح في كلام العرب على وجوه : " منها الفرح بمعنى السرور ، ومنه : قوله عز وجل : حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها  أي : سروا ، وهذا الوصف غير لائق بالقديم ، لأن ذلك خفة تعتري الإنسان إذا كبر قدر شيء عنده فناله فرح لموضع ذلك ، ولا يوصف القديم أيضا بالسرور لأنه سكون لوضع القلب على الأمر إما لمنفعة في عاجل أو آجل ، وكل ذلك منفي عن الله سبحانه . ومنها : الفرح بمعنى : البطر والأشر ، ومنه قول الله سبحانه : إن الله لا يحب الفرحين ومنه قوله : إنه لفرح فخور . ومنه : الفرح بمعنى الرضى ، ومنه : قول الله عز وجل : كل حزب بما لديهم فرحون أي : راضون . ومعنى قوله : " لله أفرح " أي أرضى ، والرضا من صفات الله سبحانه ،  لأن الرضى هو القبول للشيء والمدح له والثناء عليه ، والقديم سبحانه قابل للإيمان من مزك ومادح له ومثن على المرء بالإيمان فيجوز وصفه بذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية