الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1082 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو النضر الفقيه ، نا أبو عبد الله محمد بن أيوب ، أنا أبو الوليد ، نا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن عقبة بن عبد الغافر ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن رجلا ممن سلف من الناس رغسه الله مالا وولدا ، فلما حضره الموت قال لبنيه : أي أب كنت لكم ؟ قالوا : خير أب . قال : فإنه والله ما ابتأر عند الله خيرا قط ، وإن يقدر الله عليه يعذبه ، فإذا أنا مت فأحرقوني ثم ذروني في ريح عاصف . قال : فأخذ مواثيقهم على ذلك ففعلوا فلما حرقوه سحقوه ثم ذروه في ريح عاصف ، قال الله له : كن ، فإذا رجل قائم ، قال : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : لا إلا مخافتك أو خشيتك . قال : فوالذي نفسي بيده إن يلقاه غير أن غفر له " .  رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد ، ورواه مسلم عن محمد بن المثنى ، عن أبي الوليد ، ورواه شيبان عن قتادة بإسناده ثم قال قتادة : " رجل خاف عذاب الله فأنجاه من عقوبته " . وقال غيره من أهل النظر : قوله : " لئن قدر علي ربي " أو إن يقدر الله عليه ، معناه قدر بالتشديد ، من التقدير ، لا من القدرة كما قلنا في الآية . وقال أبو سليمان الخطابي [ ص: 494 ] رحمه الله : وفي غير هذه الرواية : " فاذروني في الريح ، فلعلي أضل الله " . يريد : فلعلي أفوته ، يقال : ضل الشيء إذا فات وذهب ، ومنه قوله عز وجل : قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى أي : لا يفوته ، قال : وقد يسأل عن هذا ، فيقال : كيف يغفر له وهو منكر للبعث والقدرة على إحيائه وإنشائه ؟ فيقال : إنه ليس بمنكر ، إنما هو رجل جاهل ظن أنه إذا فعل به هذا الصنيع ترك ، فلم ينشر ولم يعذب ، ألا تراه يقول : " فجمعه ، فقال له لم فعلت ذلك ؟ فقال : من خشيتك " ، فقد بين أنه رجل مؤمن بالله عز وجل ، فعل ما فعل خشية من الله عز وجل إذا بعثه ، إلا أنه جهل فحسب أن هذه الحيلة تنجيه مما يخافه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية