الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
479 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا جعفر بن محمد بن شاكر ، ثنا عفان ، ثنا شعبة ، ح وأخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري ، ثنا جدي أبو محمد يحيى بن منصور القاضي ، ثنا أحمد بن سلمة ، ثنا محمد بن بشار ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن علي بن مدرك ، عن أبي زرعة بن عمرو ، عن خرشة بن الحر ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله تعالى يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم"  قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 553 ] فقال: "خابوا وخسروا ، خابوا وخسروا ، خابوا وخسروا" قيل: من هم يا رسول الله؟ ، قال: "المسبل إزاره ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ، والمنان عطاءه" لفظ حديث محمد بن جعفر غندر ، رواه مسلم في الصحيح ، عن محمد بن بشار وغيره وأخرجه أيضا من حديث سليمان بن مسهر ، عن خرشة بن الحر وجميع هذه الأخبار صحيحة ، وهذه أقاويل متفرقة يجمع بعضهن إلى بعض ، وليس في تنصيصه على الثلاثة نفي غيرهن ، ويجوز أن يقول: ثلاثة لا يكلمهم ، ثم يقول: وثلاثة آخرون لا يكلمهم ، فلا يكون الثاني مخالفا للأول ، وفي ذلك دلالة على أنه إذا لم يسمعهم كلامه عقوبة لهم يسمعه أهل رحمته كرامة لهم إذا شاء وإنما لا يسمع كلامه أهل عقوبته بما يسمعه أهل رحمته ، وقد يسمع كلامه في قول بعض أهل العلم أهل عقوبته بما يزيدهم حسرة وعقوبة قال الله عز وجل: ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ، إلى سائر ما ورد في معنى هذه الآية في كتاب الله عز وجل إلى أن يقولوا: ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون فيجيبهم الله عز وجل: اخسئوا فيها ولا تكلمون فبعد ذلك لا يسمعهم كلامه ، [ ص: 554 ] وذلك حين وجب عليهم الخلود ، أعاذنا الله من ذلك بفضله ورحمته.

التالي السابق


الخدمات العلمية