الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
484 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو حامد بن بلال ، ثنا أحمد بن حفص ، قال: [ ص: 558 ] حدثني أبي ، قال: حدثني إبراهيم بن طهمان ، عن الأعمش ، عن موسى بن المسيب ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله عز وجل" فذكر الحديث إلى أن قال: "عطائي كلام ، وعذابي كلام، إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له كن فيكون" وأما قوله عز وجل: وكان أمر الله مفعولا ، فإنما أراد - والله أعلم - ما قضى الله سبحانه وتعالى في أمر زيد وامرأته ، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بها ، وجواز التزوج بحلائل الأدعياء ،  كان قضاء مقضيا ، وهو كقوله: وكان أمر الله قدرا مقدورا ، والأمر في القرآن ينصرف وجهه إلى ثلاثة عشر وجها "منها" : الأمر بمعنى الدين ، فذلك قوله تعالى: حتى جاء الحق وظهر أمر الله يعني: دين الله الإسلام وله نظائر ، "ومنها" : الأمر بمعنى القول ، فذلك قوله تعالى: فإذا جاء أمرنا يعني قولنا ، وقوله عز وجل: فتنازعوا أمرهم بينهم ، يعني قولهم "ومنها" : الأمر بمعنى العذاب فذلك قوله: لما قضي الأمر يعني: لما وجب العذاب بأهل النار ، وله نظائر ، "ومنها" : الأمر يعني: عيسى عليه السلام فذلك قوله: إذا قضى أمرا يعني عيسى ، وكان في علمه أن يكون من غير أب ، فإنما يقول له كن فيكون ، "ومنها" أمر الله تعالى يعني القتل ببدر ، فذلك قوله تعالى: فإذا جاء أمر الله يعني: القتل ببدر ، وقوله تعالى: ليقضي الله أمرا كان مفعولا يعني: قتل كفار مكة ، "ومنها" : أمر يعني: فتح مكة ، وذلك قوله: فتربصوا حتى يأتي الله بأمره يعني: فتح مكة ، "ومنها" : أمر يعني: قتل قريظة وجلاء النضير ، فذلك قوله تعالى: فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ، "ومنها" أمر يعني: القيامة ، فذلك قوله: أتى أمر الله فلا تستعجلوه يعني: القيامة ، "ومنها" الأمر يعني القضاء فذلك قوله تعالى في الرعد يدبر الأمر ، [ ص: 559 ] يعني القضاء وله نظائر ، "ومنها" : الأمر يعني: الوحي فذلك قوله: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ، يقول: يتنزل الأمر بينهن يعني: الوحي ، "ومنها" : الأمر يعني أمر الخلق ، فذلك قوله: ألا إلى الله تصير الأمور يعني أمور الخلائق ، "ومنها" الأمر يعني النصر ، فذلك قوله: يقولون هل لنا من الأمر من شيء يعنون النصر: قل إن الأمر كله لله يعني: النصر ، "ومنها" الأمر يعني الذنب ، فذلك قوله تعالى: فذاقت وبال أمرها ، يعني جزاء ذنبها وله نظائر.

التالي السابق


الخدمات العلمية