الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
629 - أخبرنا أبو سهل محمد بن نصرويه المروزي ، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن خنب ، نا أبو يعقوب إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي ، نا الحسن يعني ابن موسى الأشيب ، نا حماد بن سلمة ، نا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ مرة على منبره: وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كذا يمجد نفسه عز وجل، أنا الجبار، أنا العزيز المتكبر".  فرجف به المنبر حتى قلنا ليخرن به الأرض. قال الشيخ: ومعنى قول من قال: الله سبحانه وتعالى إنه نفس، إنه موجود ثابت غير منتف، ولا معدوم، وكل موجود نفس، وكل معدوم ليس بنفس. والنفس في كلام العرب على وجوه؛ فمنها: نفس منفوسة مجسمة مروحة، ومنها: مجسمة غير مروحة، تعالى الله عن هذين علوا كبيرا، ومنها: نفس بمعنى إثبات الذات كما تقول في الكلام: هذا نفس الأمر، تريد إثبات الأمر لا أن له نفسا منفوسة أو جسما مروحا، فعلى هذا المعنى يقال في الله سبحانه إنه نفس، لا أن له نفسا منفوسة أو جسما مروحا، وقد قيل في قوله تعالى: تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك  أي تعلم ما أكنه وأسره ولا علم لي بما تستره عني وتغيبه، ومثل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رويناه عنه "فإن ذكرني في نفسه ذكرته [ ص: 54 ] في نفسي" . أي حيث لا يعلم به أحد ولا يطلع عليه، وأما الاقتراب والإتيان المذكوران في الخبر فإنما يعني بهما إخبارا عن سرعة الإجابة والمغفرة كما رويناه عن قتادة. وأما الغيرة المذكورة في حديث ابن مسعود ، فإنما يعني بها الزجر فقوله: "لا أحد أغير من الله تعالى" . يعني لا أحد أزجر من الله تعالى، والله غيور على معنى أنه زجور يزجر عن المعاصي، ولا يحب دنيء الأفعال. وقد روى ذلك الحديث عبد الله بن مسعود ، وأبو هريرة وعائشة بنت أبي بكر، وأسماء بنت أبي بكر فقال بعضهم: "لا أحد أغير من الله" . وقال بعضهم: "لا شيء أغير من الله" . ورواه عبد الملك بن عمير عن وراد عن المغيرة بن شعبة على لفظ لم يتابع عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية