الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
741 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس هو الأصم ، أنا العباس بن [ ص: 174 ] الوليد البيروتي ، نا محمد بن شعيب بن شابور ، نا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن بسر بن عبيد الله ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن النواس بن سمعان الكلابي ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الميزان بيد الرحمن يرفع أقواما ويضع آخرين،  وقلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه" . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" . فقد قرأت بخط أبي حاتم أحمد بن محمد الخطيب رحمه الله في تأويل هذا الخبر قيل: معناه تحت قدرته وملكه، وفائدة تخصيصها بالذكر أن الله تعالى جعل القلوب محلا للخواطر والإيرادات والعزوم والنيات، وهي مقدمات الأفعال، ثم جعل سائر الجوارح تابعة لها في الحركات والسكنات، ودل بذلك على أن أفعالنا مقدورة لله تعالى مخلوقة، لا يقع شيء دون إرادته، ومثل لأصحابه قدرته القديمة بأوضح ما يعقلون من أنفسهم، لأن المرء لا يكون أقدر على شيء منه على ما بين إصبعيه، ويحتمل أنها بين نعمتي النفع والدفع، أو بين أثريه في الفضل والعدل، يؤيده أن في بعض هذه الأخبار: "إذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه" . ويوضحه قوله في سياق الخبر: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي" . وإنما ثنى لفظ الإصبعين والقدرة واحدة لأنه جرى على المعهود من لفظ المثل. وزاد عليه غيره في تأكيد التأويل الأول بقولهم: ما فلان إلا في يدي، وما فلان إلا في كفي، وما فلان إلا في خنصري، يريد بذلك إثبات قدرته عليه، لا أن خنصره يحوي فلانا، وكيف يحويه وهي بعض من جسده؟ وقد يكون فلان أشد بطشا وأعظم منه جسما.

التالي السابق


الخدمات العلمية