الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال لأصحاب الشورى: هل لكم أن أختار لكم وأتقصى منها؟ فقال علي: أنا أول من رضي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنت أمين في أهل الأرض أمين في أهل السماء"   .

وعن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لأزواجه: "إن الذي يحنو عليكم بعدي لهو الصادق البار، اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة"   [ ص: 256 ] .

وفي رواية المسور بن مخرمة: باع عبد الرحمن بن عوف أرضا له من عثمان بأربعين ألف دينار، فقسم ذلك المال في بني زهرة، وفي فقراء المسلمين وأمهات المؤمنين، وبعث معي إلى عائشة رضي الله عنها مال من ذلك المال، فقالت عائشة رضي الله عنها: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "لن يحنو عليكن بعدي إلا الصالحون، سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة" .

وفي رواية: عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنكن لأهم ما أترك وراء ظهري، والله لا يعطف عليكن إلا الصادقون بعدي، أو الصابرون بعدي" .

وفي رواية: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه، فقال: "سيحفظني فيكم الصابرون الصادقون"   .

وعن أنس رضي الله عنه، قال: بينما عائشة رضي الله عنها في بيتها إذ سمعت صوتا رجت به المدينة، فقالت: ما هذا؟ قالوا عير قدمت لعبد الرحمن بن عوف من الشام، وكانت سبع مائة راحلة، فقالت عائشة [ ص: 257 ] رضي الله عنها: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا"  فبلغ ذلك عبد الرحمن ، فأتاها فسألها عما بلغه فحدثته، قال: فإني أشهدك أنها بأحمالها وأقتابها وأحلاسها في سبيل الله.

وعن الزهري ، قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف بشطر ماله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفا، ثم حمل على خمس مائة فرس في سبيل الله، ثم حمل على ألف وخمس مائة راحلة في سبيل الله، وكان عامة ماله من التجارة [ ص: 258 ] .

وعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، قال: أغمي على عبد الرحمن بن عوف ، ثم أفاق فقال: إنه أتاني ملكان فظان غليظان، فقالا لي: انطلق نخاصمك إلى العزيز الأمين، قال: فلقيهما ملك، فقال: إلى أين تذهبان، فقالا: نحاكمه إلى العزيز الأمين.

قال: خليا عنه فإنه ممن سبقت له السعادة في بطن أمه.
 

فصل قال أهل التاريخ: مات عبد الرحمن بن عوف سنة اثنتين وثلاثين.  

وهو ابن خمس وسبعين سنة، وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنهما [ ص: 259 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية