الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الشين

67 - ذكر شداد بن أوس بن ثابت رضي الله عنه

أنصاري هو ابن أخي حسان بن ثابت ، توفي بفلسطين سنة ثمان وخمسين في أيام معاوية رضي الله عنه.

روي عن عبادة بن نسي ، قال: دخلت على شداد بن أوس ، رضي الله عنه، وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكرته في مجلسي هذا فأبكاني، قلت: وما هو؟ قال: رأيت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا ساءني، فقلت: يا رسول الله، ما هذا [ ص: 447 ] الذي أراه بوجهك؟ قال: "أمر تخوفته على أمتي من بعدي" ، قلت: وما هو؟ قال: "الشرك، والشهوة الخفية" ، قلت: أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: "أما إنهم لا يعبدون شمسا، ولا قمرا، ولا حجرا، ولا وثنا، ولكن يراءون بأعمالهم" ، قلت: أذلك شرك؟ قال: "نعم" ، قلت: فما الشهوة الخفية؟ قال: "أن يصبح أحدهم صائما، فتعرض له شهوة من شهوات الدنيا، فيفطر لها ويدع صومه"  قال سفيان بن عيينة: قال عبادة بن الصامت ، رضي الله عنه: من الناس من أوتي علما ولم يؤت حلما، ومنهم من أوتي حلما ولم يؤت [ ص: 448 ] علما، وإن شداد بن أوس من الذين أوتوا العلم والحلم.  

وقال شداد بن أوس: ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت حتى أزمها وأخطمها.

قال أسد بن وداعة: كان شداد بن أوس إذا دخل الفراش يتقلب على فراشه لا يأتيه النوم، فيقول: اللهم إن النار أذهبت مني النوم، فيقوم فيصلي حتى يصبح.

وقال شداد بن أوس: إنكم لم تروا من الخير إلا أسبابه، ولم تروا من الشر إلا أسبابه، الخير كله بحذافيره في الجنة، والشر كله بحذافيره في النار.

وقال: ما تكلمت منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بكلمة إلا مخطومة مزمومة.

وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا شداد ، إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة، فاكتنز هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في [ ص: 449 ] الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك موجبات رحمتك، وشكر نعمتك، وحسن عبادتك، وبرد مغفرتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم "   [ ص: 450 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية