الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

أخبرنا سهل بن محمد النيسابوري ، أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر النيسابوري ، حدثنا محمد بن عبد الله بن زكريا ، محمد بن عبد الرحمن السرخسي ، أخبرنا محمد بن مشكان ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا عبد الملك بن قدامة الجمحي ، حدثني عمرو بن شعيب ، أخو عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله ، قال: كانت أم عبد الله بنت نبيه بن الحجاج تهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتلطفه، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: "كيف أنت يا أم عبد الله؟" ، قالت: بخير، بأبي وأمي يا رسول الله، فكيف أنت يا رسول الله؟ قال: "بخير، كيف عبد الله؟" ، قالت: بخير، عبد الله رجل قد تخلى من الدنيا.

قال: "كيف؟" ، قالت: حرم النوم، لا ينام ولا يفطر، وحرم اللحم فلا يطعم اللحم، وحرم النساء فلا يؤدي إلى أهله حقهم، قال: "أين هو؟" ، قالت: خرج آنفا يوشك أن يرجع يا رسول الله، قال رسول الله [ ص: 504 ] صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء فاحبسيه علي" ، قالت: نعم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينشب عبد الله أن جاء، وأوشك رسول الله صلى الله عليه وسلم العطفة، فقال: "يا عبد الله بن عمرو، ما هذا الذي بلغني عنك؟" ، قال: ماذا يا رسول الله؟ قال: "بلغني أنك لا تنام، ولا تفطر" ، قال: أردت بذلك الأمن من فزع يوم الأكبر.

قال: "وبلغني أنك لا تطعم اللحم" ، قال: أردت بذلك طعاما هو خير منه في الجنة، قال: "وبلغني أنك لا تؤدي إلى أهلك حقهم" ، قال: أردت بذلك نساء هن خير منهن في الجنة، قال: "يا عبد الله بن عمرو، إن لله عليك حقا، وإن لبدنك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا" ، قال: يا رسول الله، فما تأمرني، أصوم خمسة أيام وأفطر يوما؟ قال: "لا" ، قال أفأصوم أربعة أيام وأفطر يوما؟ قال: "لا" ، قال: أفأصوم ثلاثة أيام وأفطر يوما؟ قال: "لا" ، قال: أفأصوم يومين وأفطر يوما؟ قال: "لا" ، قال: أفأصوم يوما وأفطر يوما؟ قال: "نعم، ذلك صوم أخي داود، أي عبد الله بن عمرو، كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم، وعقودهم، واختلفوا فكانوا هكذا" ، وشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه، قال: فما تأمرني يا رسول الله، قال: "تأخذ ما تعرف، وتدع ما تنكر، وتعمل بخاصة نفسك، وتدع الناس وعامة أمورهم"
 
[ ص: 505 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية