الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
80 - ذكر عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

هو عبد الله بن الزبير بن العوام ، أبوه الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه أسماء بنت أبي بكر، وجده أبو بكر ، وخالته عائشة، وجدته صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمته خديجة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أهل التاريخ: هو أول مولود ولد في المدينة من المسلمين،  وقيل: من المهاجرين.

كان عبد الله بن الزبير يقول: هاجرت بي أمي وأنا حمل في بطنها، قيل: جمع النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين والأنصار الذين ولدوا في الإسلام [ ص: 510 ] حيث ترعرعوا، فبايعهم، وكان فيهم عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.

وعن أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنها، قالت: هاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حبلى بعبد الله بن الزبير ، فوضعت بقباء، فلم أرضعه حتى أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فطلبنا له تمرة ليحنكه بها، حتى وجدناها فحنكناه بها، فإن أول ما دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخبرنا أحمد بن زاهر الطوسي ، أخبرنا محمد بن إبراهيم الفارسي ، حدثنا محمد بن عيسى بن عمرويه ، حدثنا إبراهيم بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عقبة بن مكرم العمي ، حدثنا يعقوب يعني ابن إسحاق الحضرمي ، أخبرنا الأسود بن شيبان ، عن أبي نوفل ، قال: رأيت عبد الله بن الزبير رضي الله عنه على عقبة المدينة، قال: فجعلت قريش تمر عليه والناس، حتى مر عليه عبد الله بن عمر فوقف عليه، فقال: السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله إن كنت ما [ ص: 511 ] علمت صواما قواما، وصولا للرحم، أما والله لأمة أنت شرها لأمة خير، ثم نفذ عبد الله بن عمر ، فبلغ الحجاج موقف عبد الله بن عمر وقوله، فأرسل إليه، فأنزل عن جذعه فألقي في قبور اليهود، ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، فأبت أن تأتيه، فأعاد عليها الرسول: لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك.

قال: فأبت، وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني، فقال: أروني سبتيتي، فأخذ نعليه ثم انطلق يتوذف حتى دخل عليها، فقال: كيف رأيتني صنعت بعبد الله؟ قالت: " رأيتك أفسدت عليه دنياه، فأفسد عليك آخرتك، بلغني أنك تقول له: يا ابن ذات النطاقين، أنا والله ذات النطاقين، أما أحدهما، فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب، وأما الآخر، فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه ، [ ص: 512 ] أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا أخالك إلا إياه   ".

قال: فقام عنها ولم يراجعها، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية