الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
89 - ذكر عبد الرحمن بن صخر أبو هريرة الدوسي رضي الله عنه

روي عن ابن إسحاق ، قال: حدثني بعض أصحابي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان اسمي في الجاهلية عبد شمس بن صخر ، فتسميت في الإسلام عبد الرحمن، وإنما كنوني بأبي هريرة ، لأني كنت أرعى غنما لأهلي فوجدت أولاد هر وحشية فجعلتها في كمي، فلما رحت سمعوا أصوات الهر من حجري، فقالوا: ما هذا يا عبد شمس؟ [ ص: 538 ] فقلت: أولاد هر وجدتها، قالوا: فأنت أبو هريرة فلزمني بعد، وفي رواية عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني أبا هر، ويدعوني أبا هريرة.  

قال ابن إسحاق: وكان أبو هريرة وسيطا في دوس.

أخبرنا أبو بكر الصابوني ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، حدثنا محمد بن عيسى بن عمرويه ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عمرو الناقد ، حدثنا عمر بن يونس اليماني ، حدثنا عكرمة بن عمار ، عن أبي كثير ، قال: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه، قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت: يا رسول الله، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهد أم أبي هريرة" .

فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف فسمعت أمي خشف قدمي، فقالت: مكانك يا أبا هريرة ، [ ص: 539 ] وسمعت خضخضة الماء، فاغتسلت، ولبست درعها، وعجلت عن خمارها ففتحت الباب، ثم قالت: يا أبا هريرة ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول الله، أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله، وقال: "خيرا" ، قال: قلت: يا رسول الله، ادع الله يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم حبب عبيدك هذا، يعني أبا هريرة وأمه، إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين" .

فما خلق مؤمن يسمع بي، ولا يراني إلا أحبني.
 


التالي السابق


الخدمات العلمية