فصل
أخبرنا سهل بن محمد النيسابوري ، أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر النيسابوري ، حدثنا ، محمد بن عبد الله بن زكريا محمد بن عبد الرحمن السرخسي ، أخبرنا محمد بن مشكان ، حدثنا ، أخبرنا يزيد بن هارون عبد الملك بن قدامة الجمحي ، حدثني ، أخو عمرو بن شعيب ، عن عمرو بن شعيب أبيه ، عن جده عبد الله ، قال: أم عبد الله بنت نبيه بن الحجاج تهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتلطفه، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: "كيف أنت يا أم عبد الله؟" ، قالت: بخير، بأبي وأمي يا رسول الله، فكيف أنت يا رسول الله؟ قال: "بخير، كيف عبد الله؟" ، قالت: بخير، عبد الله رجل قد تخلى من الدنيا.
قال: "كيف؟" ، قالت: حرم النوم، لا ينام ولا يفطر، وحرم اللحم فلا يطعم اللحم، وحرم النساء فلا يؤدي إلى أهله حقهم، قال: "أين هو؟" ، قالت: خرج آنفا يوشك أن يرجع يا رسول الله، قال رسول الله [ ص: 504 ] صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء فاحبسيه علي" ، قالت: نعم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينشب عبد الله أن جاء، وأوشك رسول الله صلى الله عليه وسلم العطفة، فقال: "يا عبد الله بن عمرو، ما هذا الذي بلغني عنك؟" ، قال: ماذا يا رسول الله؟ قال: "بلغني أنك لا تنام، ولا تفطر" ، قال: أردت بذلك الأمن من فزع يوم الأكبر.
قال: "وبلغني أنك لا تطعم اللحم" ، قال: أردت بذلك طعاما هو خير منه في الجنة، قال: "وبلغني أنك لا تؤدي إلى أهلك حقهم" ، قال: أردت بذلك نساء هن خير منهن في الجنة، قال: "يا عبد الله بن عمرو، إن لله عليك حقا، وإن لبدنك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا" ، قال: يا رسول الله، فما تأمرني، أصوم خمسة أيام وأفطر يوما؟ قال: "لا" ، قال أفأصوم أربعة أيام وأفطر يوما؟ قال: "لا" ، قال: أفأصوم ثلاثة أيام وأفطر يوما؟ قال: "لا" ، قال: أفأصوم يومين وأفطر يوما؟ قال: "لا" ، قال: أفأصوم يوما وأفطر يوما؟ قال: "نعم، ذلك صوم أخي داود، أي عبد الله بن عمرو، كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم، وعقودهم، واختلفوا فكانوا هكذا" ، وشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه، قال: فما تأمرني يا رسول الله، قال: "تأخذ ما تعرف، وتدع ما تنكر، وتعمل بخاصة نفسك، وتدع الناس وعامة أمورهم" كانت [ ص: 505 ]