الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
101 - ذكر عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري رضي الله عنه

روي عن بريدة بن سفيان الأسلمي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عاصم بن ثابت ، وزيد بن الدثنة ، ومخلد بن بكير ، وخبيب بن عدي ، ومرثد بن أبي مرثد ، إلى بني لحيان بالرجيع، فقاتلوهم حتى استصرخوا عليهم هذيلا، فلم يطيقوا قتالهم، فأخذوا لأنفسهم أمانا إلا عاصما فإنه أبى،  وقال: لا أقبل عهدا من مشرك، ودعا عند ذلك وقال: اللهم إني أحمي لك اليوم دينك فاحم لي لحمي، فجعل يقاتل وهو يقول:

ما علتي وأنا جلد نابل والقوس فيها وتر عنابل     إن لم أقاتلكم فأمي هابل
الموت حق والحياة باطل     وكل ما حكم الإله نازل
بالمرء والمرء إليه آيل

[ ص: 576 ] فلما قتلوه، قال بعضهم لبعض: هذا الذي آلت فيه المكية سلافة بنت سعد بن شهيد، كان عاصم قتل لها يوم أحد ثلاثة بنين من بني عبد الدار كلهم كانوا أصحاب لواء قريش، فجعل يرمي ويقول: خذها وأنا ابن الأقلح، وقالت: لئن قدرت على رأسه لتشربن في قحفه الخمر، فأرادوا أن يحتزوا رأسه ليذهبوا به إليها ويبيعوه منها، فبعث الله عز وجل إليه رجلا من دبر، فلم يستطيعوا أن يجتزوا رأسه.

قال الشيخ رحمه الله: النابل: صاحب النبل، والعنابل: الغليظ، والهابل: التي مات ولدها، والآيل: الراجع، وآلت: حلفت، والرجل: الجماعة، والدبر: الزنابير.

وعن عاصم بن عمرو بن قتادة ، قالوا: كانوا ستة، فلما قتلوا عاصما وحال الدبر بينهم وبينه، قالوا: دعوه حتى يمسي، فيذهب عنه ثم [ ص: 577 ] نأخذه، فبعث الله الوادي يعني أرسل السيل، فاحتمل عاصما فانطلق به، وكان عاصم قد أعطى الله عهدا أن لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك تنجسا منهم.  

التالي السابق


الخدمات العلمية