الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قام أناس كنت فيهم يترحمون على عمر رضي الله عنه حين وضع على سريره، فجاء رجل من ورائي فوضع يده على منكبي، فالتفت إليه فإذا هو علي رضي الله عنه فترحم عليه، وقال: ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك،  وإن كنت أظن ليجعلنك الله مع صاحبيك فإني كنت أكثر أن أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "قد كنت أنا وأبو بكر ، وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر ، وعمر"  ، فكنت أظن ليجعلنك الله معهما.

وقال علي رضي الله عنه: كنا نتحدث أن ملكا ينطق على لسان عمر   [ ص: 91 ] .

وروي عنه، قال: ما كنا ننكر ونحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون، أن السكينة تنطق على لسان عمر.  

وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد كانت تكون في الأمم محدثون، فإن يك في أمتي أحد منهم فعمر بن الخطاب"  رضي الله عنه.

وفي رواية أبي هريرة ، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "قد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يك في أمتي منهم أحد فعمر" .

وعن عمر رضي الله عنه، قال: وافقت ربي في ثلاث:  في مقام إبراهيم وفي الحجاب وفي أسارى بدر [ ص: 92 ] .

وعن عمر رضي الله عنه، قال: لما كان يوم بدر، هزم الله المشركين، فقتل منهم سبعون وأسر سبعون، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليا رضي الله عنهم فقال لي: "ما ترى يا ابن الخطاب؟" فقلت: أرى أن تمكني من فلان، قريب لعمر ، فأضرب عنقه، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين،  هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم، فلم يهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت فأخذ منهم الفداء، قال عمر: فلما كان من الغد غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه وهما يبكيان قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "للذي عرض علي أصحابك من الفداء، لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة" لشجرة قريبة فأنزل الله تعالى: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى إلى قوله: عذاب عظيم فلما كان يوم أحد من العام المقبل، قتل منهم سبعون وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه [ ص: 93 ] وأنزل الله تعالى: أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير .

التالي السابق


الخدمات العلمية