فصل قال علي بن زيد: قد بلغت ثمانين سنة وما شيء أخوف عندي من النساء، وكان بصره قد ذهب. سعيد بن المسيب: قال
وعن كثير بن المطلب بن أبي وداعة ، قال: كنت أجالس ففقدني أياما فلما جئته قال: أين كنت؟ قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: ألا أخبرتنا فشهدناها؟ قال: ثم أردت أن أقوم فقال: هل استحدثت امرأة؟ فقلت: يرحمك الله، ومن يزوجني، وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ فقال: أنا. سعيد بن المسيب
فقلت: وتفعل؟ قال: نعم.
ثم تحمد وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين أو ثلاثة، قال: فقمت، وما أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وممن أستدين، فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي وكنت وحدي صائما، فقدمت عشائي أفطر، وكان خبزا وزيتا، فإذا بابي يقرع، فقلت من هذا؟ قال: سعيد.
ففكرت في كل إنسان اسمه [ ص: 776 ] سعيد إلا ، فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد، فقمت فخرجت فإذا سعيد بن المسيب ، فظننت أنه قد بدا له فقلت: يا سعيد بن المسيب ألا أرسلت إلي فأتيتك، قال: لا، أنت أحق أن تؤتى، قلت: فما تأمرنا يا أبا محمد قال: إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت، وكرهت أن أبيتك الليلة وحدك، وهذه امرأتك فإذا هي قائمة من خلفه في طوله ثم أخذ بيدها فدفعها في البيت ورد الباب، فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من البيت ثم تقدمتها إلى القصعة التي فيها الخبز والزيت فوضعتها في ظل السراج لكيلا تراه ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران فجاءوني فقالوا: ما شأنك؟ قلت: أبا محمد؟ بنته اليوم وقد جاء بها على غفلة. سعيد بن المسيب زوجني
فقالوا: زوجك قلت: نعم، وها هي في الدار، قال: فنزلوا إليها وبلغ أمي فجاءت، فقالت: وجهي في وجهك حرام إن أمسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام، قال: فأقمت ثلاثا ثم دخلت فإذا هي أجمل النساء وأحفظ الناس لكتاب الله وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق الزوج، قال: فمكثت شهرا لا يأتيني سعيد بن المسيب سعيد ولا آتيه، فلما كان قرب الشهر أتيت سعيدا ، وهو في حلقة فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض أهل المجلس فلما لم يبق غيري، قال: ما حال ذلك الإنسان؟ [ ص: 777 ] قلت: خيرا يا ، على ما يحب الصديق ويكره العدو وقال: إن رابك شيء فالعصا. أبا محمد
وقال عبد الله بن سليمان: بنت عبد الملك بن مروان على ابنه حين ولاه العهد فأبى سعيد بن المسيب خطب سعيد أن يزوجه فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف.
وقال يحيى بن سعيد: وترك ألفين أو ثلاثة آلاف دينار، وقال: ما تركتها إلا لأصون بها ديني وحسبي. سعيد بن المسيب مات