فصل في ذكر قتل عمر رضي الله عنه
أخبرنا عمر بن أحمد السمسار ، أخبرنا أبو بكر بن أبي علي ، حدثنا ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أبو خليفة ، قال: أبو الوليد ، حدثنا سليمان بن أحمد أحمد بن عمر القطواني ، حدثنا ، قالا: حدثنا عبد الواحد بن غياث ، عن أبو عوانة حصين بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن ميمون ، قال: شهدت رضي الله عنه، قبل أن يصاب بأيام عمر بن الخطاب بالمدينة وقف على ، حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف ، فقال: كيف فعلتما؟ أتخافان أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق، فقال لو أضعفت عليها حملت، وقال حذيفة حملناها أمرا هي له مطيقة وما فيها كبير، فقال: إن سلمني الله لأدعن أرامل أهل عثمان: العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي، فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب، وإني لقائم ما بيني وبينه إلا رضي الله عنهما غداة أصيب، وكان ربما قرأ بسورة يوسف والنحل في صلاة الغداة يطول ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس، قال: فما هو إلا أن كبر فسمعته، [ ص: 103 ] وهو يقول: قتلني العلج أو قال: قتلني الكلب، وكان مع العلج سكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينا ولا شمالا إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم تسعة، فلما رأى ذلك الرجل من المسلمين طرح عليه برنسا، فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه، قال: وتناول عبد الله بن عباس بيد عمر فقدمه، فأما من يلي عبد الرحمن بن عوف فقد رأوا الذي رأوا، وأما ما في نواحي المسجد فلا يدرون إلا أنهم فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله سبحان الله، قال: فصلى عمر بالناس صلاة خفيفة، فلما انصرف، قال عبد الرحمن بن عوف يا عمر: انظر من قتلني؛ فجال ساعة، ثم جاء، فقال: ابن عباس أبو لؤلؤة عبد لمغيرة بن شعبة ، فقال: الصنع؟ قال: نعم، قال: قاتله الله، لقد كنت أمرت به معروفا فالحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام، وقد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، قال: وكان من أكثرهم رقيقا، فقال العباس يا أمير المؤمنين، إن شئت فعلنا، أي: إن شئت قتلنا، فقال: أبعد ما تكلموا بلسانكم وصلوا إلى قبلتكم وحجوا حجكم، قال: فاحتمل إلى بيته، فكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، فقائل يخاف، وقائل لا بأس، فأتي بنبيذ يعني ماء طرح فيه التمر فشرب منه، فخرج من جرحه فعرفوا أنه ميت، فولج الناس يثنون عليه، وجاء شاب، فقال: أبشر يا أمير المؤمنين، كانت لك صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم في الإسلام، ثم [ ص: 104 ] وليت، فعدلت، ثم شهادة، فقال عبد الله بن عباس: يا ابن أخي لوددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره مس الأرض، فقال: ردوا علي الفتى، فلما جاء قال: يا ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أتقى لربك، وأنقى لثوبك، ثم قال: يا عمر: ، انظروا ما علي من الدين فاحسبوه، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحو ذلك، فقال: إن وفى مال آل عمر فأدوا من أموالهم، فإن لم يف فسلوا في عبد الله بن عمر بني عدي بني كعب فإن لم يف، فسلوا في قريش، ولا تعدوهم إلى غيرهم فأدوا عني هذا المال، اذهب إلى أم المؤمنين رضي الله عنها، فسلم ثم استأذن، ثم قل يقرأ عليك عائشة السلام، ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير، قال: فاستأذن عمر بن الخطاب فدخل فوجدها قاعدة تبكي، فقال: عبد الله بن عمر أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: قد كنت أريده لنفسي ولأوثرنه اليوم على نفسي، عمر بن الخطاب فلما أقبل، قيل: هذا استأذن ، فدخل فقال: أقعدني فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟ فقال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، أذنت لك، فقال: الحمد لله، ما كان شيء أهم إلي من ذلك المضجع، إذا أنا مت فاحتملوني، ثم سلم، وقل: يستأذن عبد الله بن عمر أن يدفن مع صاحبيه، فإن أذنت لي فأدخلوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين، قال: وجاءت أم المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنها، ونساء يسترنها، فلما رأيناها [ ص: 105 ] قمنا فولجت عليه فمكثت عنده ساعة، ثم استأذن الرجال، فولجت وكنا نسمع بكاءها من داخل، فقالوا له: أوص أمير المؤمنين واستخلف، قال: حفصة قال: فسمى ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راض، ، عليا ، وعثمان ، والزبير ، وطلحة ، وعبد الرحمن بن عوف وسعدا ، وقال: ليشهدكم ، وليس له من الأمر شيء، وقال: إن أصابت عبد الله بن عمر سعدا ، فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم أمر فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة، ثم قال: أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله، وأوصيه بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم، وأن يحفظ حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبل أن يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا، فإنهم ردء الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدو، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضى منهم، وأوصيه بالأعراب خيرا، فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام أن يؤخذ من حواشي أموالهم فترد على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعدهم، وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا ما لا طاقة لهم، فلما توفي أخرجناه، فانطلقنا نمشي معه، قال: فسلم رضي الله عنهما واستأذن، وقال: أستأذن عبد الله بن عمر ، فقالت: أدخلوه، فأدخل فوضع هناك من صاحبيه، فلما فرغوا من دفن لعمر بن الخطاب [ ص: 106 ] رضي الله عنه، رجعوا واجتمع هؤلاء الرهط، فقال عمر عبد الرحمن: أجمعوا واجعلوا أمركم إلى ثلاثة، فقال قد جعلت أمري إلى الزبير: ، وقال علي طلحة: قد جعلت أمري إلى ، وقال عثمان سعد: قد جعلت أمري إلى ، فقال عبد الرحمن بن عوف عبد الرحمن: أيكم يبرأ من هذا الأمر ويجعله إليه، ولله عليه والإسلام لينصرن أفضلهم في نفسه، وليحرصن على صلاح الأمة، قال: فأسكت الشيخان ، علي ، فقال وعثمان أفتجعلونه إلي؟ ولله علي أن لا آلو عن أفضلكم، فقالا: نعم. عبد الرحمن بن عوف:
فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم في الإسلام، وما قد علمت فلله عليك إن أنا قد أمرتك لتعدلن، وإن أمرت لتسمعن ولتطيعن، قال: ثم خلا عنه وخلا بالآخر، فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق، قال: عثمان ادفع يدك، فبايعه وبايعه عثمان وولج أهل الدار فبايعوه، علي وفي رواية عن يا عمرو بن ميمون ، قال: شهدت رضي الله عنه، حين طعن فما منعني أن أكون في الصف المقدم إلا هيبته، وكان مثيبا، وكنت في الصف الذي يليه وكان عمر رضي الله عنه [ ص: 107 ] لا يكبر حتى يستقبل الصف المقدم بوجهه فإذا رأى رجلا متقدما على الصف أو متأخرا ضربه بالدرة، فذلك الذي منعني منه. عمر بن الخطاب
وفي رواية لما طعن المسور بن مخرمة: رضي الله عنه دخلت، فأخذت بعضادتي الباب، فقلت كيف ترونه؟ فقالوا: كما ترى، قلت: فأيقظوه بالصلاة، فإنكم لن توقظوه بشيء أفزع له من الصلاة، فقلت: الصلاة يا أمير المؤمنين، فقال: الصلاة، عمر ثم قام فصلى وجرحه يسكب دما . ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة