الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
503 - ذكر أبي سعيد بن الأعرابي رحمه الله تعالى

ذكر أبو العباس النسوي في كتاب الطبقات، قال أبو سعيد بن الأعرابي: سافر الكثير، وكتب الحديث الكثير، ولقي الكبار من شيوخ الصوفية، سكن مكة بعد الكبر، وعمر وصنف كتبا كثيرة لأصحاب الحديث، والصوفية، وصنف كتاب شرف الفقر، وطبقات الصوفية، وغير ذلك.

وكان متجردا لمحبة هذه الطائفة، متعصبا لهم لهجا بذكرهم، له لسان عال في مذهبهم بحسن فهمه ودرايته، وحمل عنه الناس من أصحاب الحديث، والصوفية.

مات بمكة سنة أربعين وثلاثمائة وهو ابن ثلاث وتسعين سنة [ ص: 1220 ] .

قال ابن الأعرابي: شغلني عن كتابة الحديث الاشتغال بالتصوف، فلما وقعت النية، أدركت جهابذة الحديث ونقاده، فألحقوا بي جميع ما فاتني من قبل.

قال النسوي: هذا أيضا من بركة التصوف حتى لحق به ما فاق به على أقرانه، ورزق ما لم يرزق غيره من العلم.

قال أبو سعيد بن الأعرابي: خرجت في بعض السنين أريد العراق من مكة ، ومعي جماعة من الفقراء، فجئنا إلى بئر في بعض المنازل وليس معنا ما نستقي به، فقطعنا ما معنا من العباء وغيره، وشددناها في ركوة واستقيت، فسقيت أصحابي فشربوا، ثم دليته لأشرب فانقطعت الركوة والحبل، يعني فارتفع الماء حتى شربت، فتعجب أصحابي، فقلت لهم: مما تعجبون؟ هذا يسير في قدرة الله عز وجل، قال: ودخلنا الكوفة، فاجتمع لي طرف من الصوفية فجلسوا يسيرا ثم قاموا، وعهدي بهم أنهم يطيلون عندي، فقالوا: أخوين تواخيا، أحدهما عليل، فقلت: فأنا معكم، فدخلنا على رجل طريح، وآخر ينظر في وجهه، فلما دخلنا قام وجلس ناحية، فجلس أصحابي عن العليل، فأقبلت أنا على الرجل الجالس فكلما أن العليل أن هذا، يعني الجالس مثله، حتى قال أصحابي: قد فارق الدنيا، فقال لي: هكذا، فقلت: نعم.

فقال: هاه، وخرجت نفسه، فاشتغل أصحابي به واشتغلت أنا بهذا في وقت واحد، وصليت عليهما.

وقال ابن الأعرابي: أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إيمانا، وتصديقا، واعتقادا ، [ ص: 1221 ] لأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن الله يحبه وأمر بحبه، وحبي لله فيه الشغل بدوام ذكره، ومناجاته، والتلذذ بتلاوة كلامه، وذلك على دوام الأوقات، ومحبة الرسول  لله لقد تقدمت مع عقد الإيمان، ومحبة الله نظرا في القلب مع ذكر نعمه محبة متزايدة.

التالي السابق


الخدمات العلمية