الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
517 - ذكر أبي يوسف الغسولي رحمه الله

من زهاد الشام

أخبرنا أبو الحسن العلاف ، فيما أرى، أخبرنا أبو الحسن المقرئ ، حدثنا جعفر بن محمد الخلدي ، حدثني إبراهيم بن خضر ، حدثني إبراهيم بن بشار الصوفي الخرساني خادم إبراهيم بن أدهم ، قال: مررت أنا وأبو يوسف الغسولي في طريق الشام، فوثب إليه رجل، فسلم، ثم قال: يا أبا يوسف عظني بموعظة أحفظها عنك، قال: فبكا، ثم قال: "اعلم يا أخي أن اختلاف الليل والنهار وممرهما ليسرعان في هدم بدنك، وفناء عمرك، وانقضاء أجلك،  فينبغي لك يا أخي أن لا تطمئن ولا تأمن حتى تعلم أين مستقرك ومصيرك، أساخط عليك ربك بمعصيتك وغفلتك، أو راض عنك بفضله ورحمته؟" .

ابن آدم الضعيف نطفة بالأمس وجيفة غدا، قال: كنت ترضى لنفسك بهذا، فسترد وتعلم وتندم في وقت لا ينفعك الندم، قال: وبكى [ ص: 1256 ] أبو يوسف وبكى الرجل وبكيت لبكائهما، ووقعا مغشيا عليهما.

قال: وأخبرنا جعفر ، حدثني إبراهيم ، حدثني إبراهيم بن بشار ، قال: خرجت أنا، و إبراهيم بن أدهم ، وأبو يوسف الغسولي ، وأبو عبد الله السنجاري نريد فمررنا بنهر يقال له: نهر الأردن ، فقعدنا نستريح، وكان مع أبي يوسف كسيرات يابسات، فألقاها بين أيدينا فأكلناها وحمدنا الله عز وجل، فقمت أسعى أتناول ماء لإبراهيم فدخل النهر حتى بلغ الماء إلى ركبتيه فقال بكفيه في الماء فملأهما، ثم قال: بسم الله وشرب الماء، ثم قال: الحمد لله، ثم ملأ كفيه من الماء فقال: بسم الله وشرب، ثم قال: الحمد لله، يعني فعل ذلك ثلاثا، ثم إنه خرج من النهر فمد رجليه، ثم قال: يا أبا يوسف ، لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش وقلة التعب، فقلت له: يا أبا إسحاق ، طلب القوم الراحة فأخطؤوا الطريق المستقيم فتبسم، ثم قال: من أين لك هذا الكلام؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية