517 - ذكر أبي يوسف الغسولي رحمه الله
من زهاد الشام
أخبرنا أبو الحسن العلاف ، فيما أرى، أخبرنا أبو الحسن المقرئ ، حدثنا جعفر بن محمد الخلدي ، حدثني إبراهيم بن خضر ، حدثني إبراهيم بن بشار الصوفي الخرساني خادم ، قال: مررت أنا إبراهيم بن أدهم وأبو يوسف الغسولي في طريق الشام، فوثب إليه رجل، فسلم، ثم قال: يا عظني بموعظة أحفظها عنك، قال: فبكا، ثم قال: "اعلم يا أخي أن أبا يوسف فينبغي لك يا أخي أن لا تطمئن ولا تأمن حتى تعلم أين مستقرك ومصيرك، أساخط عليك ربك بمعصيتك وغفلتك، أو راض عنك بفضله ورحمته؟" . اختلاف الليل والنهار وممرهما ليسرعان في هدم بدنك، وفناء عمرك، وانقضاء أجلك،
ابن آدم الضعيف نطفة بالأمس وجيفة غدا، قال: كنت ترضى لنفسك بهذا، فسترد وتعلم وتندم في وقت لا ينفعك الندم، قال: وبكى [ ص: 1256 ] أبو يوسف وبكى الرجل وبكيت لبكائهما، ووقعا مغشيا عليهما.
قال: وأخبرنا جعفر ، حدثني إبراهيم ، حدثني ، قال: خرجت أنا، و إبراهيم بن بشار ، إبراهيم بن أدهم وأبو يوسف الغسولي ، وأبو عبد الله السنجاري نريد فمررنا بنهر يقال له: نهر الأردن ، فقعدنا نستريح، وكان مع كسيرات يابسات، فألقاها بين أيدينا فأكلناها وحمدنا الله عز وجل، فقمت أسعى أتناول ماء أبي يوسف لإبراهيم فدخل النهر حتى بلغ الماء إلى ركبتيه فقال بكفيه في الماء فملأهما، ثم قال: بسم الله وشرب الماء، ثم قال: الحمد لله، ثم ملأ كفيه من الماء فقال: بسم الله وشرب، ثم قال: الحمد لله، يعني فعل ذلك ثلاثا، ثم إنه خرج من النهر فمد رجليه، ثم قال: يا ، لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش وقلة التعب، فقلت له: يا أبا يوسف ، طلب القوم الراحة فأخطؤوا الطريق المستقيم فتبسم، ثم قال: من أين لك هذا الكلام؟ . أبا إسحاق