الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
663 - ذكر والدي أبي جعفر محمد بن الفضل رحمه الله

وكان من خيار عباد الله الخاشعين الورعين،
 لم ير بعده مثله في استعمال الورع، والأمانة، والخوف من يوم القيامة، كان رحمه الله في أيام شيبته خرج يوما إلى اسبيذكوها للزيارة ومعه رفيقه محمد الرويدشتي رحمه الله كان من الأبدال، فقعد والدي على شاطئ نهر يتوضأ فسقط منه خرقة فيها دنانير فلم يذكرها حتى مضت ساعات، فلما فرغ من وضوئه لحق برفيقه يمشي، فإذا بقطيع من الغنم يرعى، فمالت شاة عن القطيع وفي فمها الخرقة، فلما وصلت إلى والدي طرحت الخرقة من فمها بين يديه، فقال له رفيقه: انظر إلى هذه الخرقة لعلها سقطت منك فنظر إلى الخرقة والخيط المشدود عليها فعرفها فأخذها، حكى ذلك رفيقه محمد الرويدشتي ، فقالت والدتي رحمها الله: ذكرت له يوما هذه الحكاية فكره ذلك، ثم قال: إنما حفظ الله ذلك المال لأنه كان من وجه حلال، فأما ما بأيدينا اليوم فقد خالطه الشبهات، أردت في هذه الأيام أن [ ص: 1354 ] أتوضأ في الخان وكان معي دينار فوضعته على رف فلما فرغت من الوضوء تذكرت فلم أجده، قال: وحزن لذلك وقال: لست أحزن من فوت الدينار وإنما أحزن من كونه من غير وجه خالص، لقد صليت يوما في مسجد قلامة وكان معي دنانير صحاح، فوضعتها على البارية، وصليت فنسيتها وخرجت فصلوا في ذلك المكان جماعة بعد جماعة فتذكرت فلما رجعت إلى المسجد كانت الدنانير بحالها ظاهرة، وقد خفيت على الناس لأنها كانت حلالا فحفظها الله.

قال الشيخ الإمام رحمه الله: أذكر وأنا صبي، وأخي أبو الوفاء صبي، فكان أبي يقعدني عن يمينه ويقعد أبا الوفاء عن شماله، ويقوم أبي إلى الصلاة، فأثب أنا وهو يضرب بعضنا بعضا فلا يعلم بذلك أبي لقوة حاله وخشوعه في الصلاة، كأنه غائب عن الدنيا.

التالي السابق


الخدمات العلمية