الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        قوله جل وعز: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون   .

        686 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا عباس بن محمد الدوري ، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال: أخبرنا شيبان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله : لن تنالوا البر قال: الجنة".

        687 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا إسحاق ، قال: أخبرنا أبو الوليد ، قال: سئل شريك ، عن قوله عز وجل: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فحدثنا ابن إسحاق ، عن مسروق ، قال: البر: الجنة.

        688 - وكذلك قال: عمرو بن ميمون.

        قوله جل وعز: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون .

        689 - حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله السعدي ، قال: أخبرنا يزيد بن هارون ، قال: أخبرنا حميد ، عن أنس ، قال: لما نزلت " حتى تنفقوا مما تحبون و من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قال أبو طلحة : أي رسول الله، حائطي الذي بمكان كذا وكذا لله، ولو استطعت أن أسره لم أعلنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعله في قرابتك" [ ص: 285 ] .

        690 - حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال: حدثنا محمد بن حرب بن سليمان المكي ، عن مالك بن أنس ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، أنه سمع أنس بن مالك ، يقول: كان أبو طلحة الأنصاري أكثر أنصاري بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء ، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخله ويشرب من ماء فيه طيب، قال أنس : لما نزلت لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قال: قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن الله عز وجل يقول في كتابه: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن أحب أموالي إلي بيرحاء ، وإنها صدقة، وأرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، أرى أن تجعلها في الأقربين"، فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه، وبني عمه.   [ ص: 286 ]

        بسم الله الرحمن الرحيم

        من تنفقوا مما تحبون إلى وإذ غدوت من أهلك .

        691 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن المنكدر ، قال: لما نزلت هذه الآية: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قال: جاء زيد بن الحارث بن أبي أسامة بفرس يقال له: سبل، لم يكن له مال أحب إليه منها، فقال: هي صدقة، فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، وحمل عليها أسامة بن زيد ، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك في وجه زيد ، فقال له: "إن الله قد قبلها منك" .

        692 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: حدثنا عبد الله العدني ، عن سفيان ، عن رجل من بني سليم ، قال: "جئت إلى أبي ذر ، فقلت: إني جئتك تعلمني، قال: إنما صاحبي من يطيعني، قال: وما تسألني من الطاعة، قال: إذا أمرتك أن تأتيني بخير إبلي أتيتني به، قال: فبلغه خصاصة في أهل الماء، فأمره أن يأتيه بخير إبله، قال: فوجدت خير الإبل فحلها، فذكرت حاجتهم [ ص: 287 ] إليه، فأخذت الذي يليه فأتيته به، فقال: يا أخا بني سليم خنتني، فقلت: يا أبا ذر ذكرت حاجتكم إليه، فقال: ألا أخبرك بيوم حاجتي؟ إن يوم حاجتي، يوم أوضع في حفرتي، فذلك يوم حاجتي، إنفي المال ثلاثة شركاء: الوارث ينظر أن تضع رأسك فيسبقها، وأنت ذميم، والقدر يذهب بخيرها وشرها، وأنت الثالث، فإن استطعت أن لا تكون أعجز الثلاثة، فافعل  ، إن الله عز وجل يقول: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " .

        693 - حدثنا موسى ، قال: حدثنا عبد الأعلى ، قال: حدثنا مسلم ، عن ابن أبي نجيح في قوله عز وجل: لن تنالوا البر حتى تنفقوا قال: سمعت مجاهدا ، يقول: "كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري ، أن يبتاع له جارية من سبي جلولاء يوم افتتح سعد مدائن كسرى ، قال: فدعاها عمر ، قال: فقال: إن الله عز وجل يقول: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فأعتقها عمر ، قال: وهي مثل قوله ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ، ومثل قوله: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " [ ص: 288 ] .

        694 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن يزيد بن خنيش ، قال: حدثني أبي، عن عبد العزيز ، عن نافع ، قال: " كان عبد الله بن عمر يشتري السكر، فيتصدق به، فنقول له: يا أبا عبد الرحمن لو اشتريت لهم بثمنه طعاما كان أنفع لهم من هذا، فيقول: إني أعرف الذي تقولون: ولكني سمعت الله يقول: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن ابن عمر يحب السكر " .

        695 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا إسحاق ، قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس ، قال: أخبرنا مالك بن مغول ، عن إبراهيم المهاجر ، عن مجاهد ، قال: " قرأ ابن عمر وهو يصلي، فأتى هذه الآية: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قال: فأعتق جارية له، وهو يصلي أشار بيده إليها " .

        696 - حدثنا محمد بن علي الصائغ ، قال: حدثنا أحمد بن شبيب ، قال: حدثنا يزيد بن زريع ، قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون حتى تنفقوا مما يعجبكم، وما تهوونه من أموالكم.

        [ ص: 289 ]

        قوله جل وعز: وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم .

        697 - حدثنا محمد بن علي الصائغ ، قال: حدثنا أحمد بن شبيب ، قال: حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة : وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم يقول: محفوظ ذلك لكم، الله به عليم شاكر له تعالى وتبارك.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية