قوله جل وعز: ومكروا .
524 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا أحمد بن الخليل صدقة بن سابق ، قال: قرأت على محمد بن إسحاق ، قال: فأقبلت مريم بعيسى حتى نزلت إيليا، وتحدثوا به وبقدومه وهم إذ ذاك تحت أيدي الروم، والروم أهل وثن، إنما بعثه إليهم ليستنقذهم به ولينقذهم به، وليظهرهم على من خالفهم، فعدوا عليه بعد أن رأوا منه الآيات والعبر البينة، فهموا به، وأجمعوا على قتله وقتل من معه ممن تابعه وآمن به، وإنما كانوا اثني عشر رجلا من الحواريين، وبعضهم يقول: ثلاثة عشرة، وكان اسم ملك بني إسرائيل الذي بعث إلى عيسى ليكلمه رجل يقال له: رواد، فلم يفظع عبد من عباد الله فيما ذكر لنا فظعه، ولم يجزع منه جزعه، ولم يدعوا الله في صرفه عنه دعاه، حتى أنه ليقول فيما يزعمون: اللهم إن كنت صارفا هذه الكأس عن أحد من خلقك فاصرفها عني، حتى إن جلده من كرب ذلك ليتفصد دما.
[ ص: 220 ] فدخل المدخل الذي أجمعوا ليدخلوا عليه فيه، فيقتلوه هو وأصحابه، وهم ثلاثة عشر رجلا بعيسى، فلما أيقن أنهم داخلون عليه، وأتاه من الله عز وجل أنه متوفيه ورافعه إليه، فقال: يا معشر الحواريين، أيكم يحب أن يكون رفيقي في الجنة على أن يشتبه للقوم، فيقتلوه مكاني؟ فقال جرجس: أنا ، قال: فاجلس، فدخلوا - وقد رفع عيسى - وكان عدتهم حين دخلوا مع عيسى معلومة، قد رأوهم وأحصوا عدتهم، فلما دخلوا عليهم ليأخذوا عيسى - فيما يرون - وأصحابه فقدوا من العدة رجلا، فهو الذي اختلفوا فيه، وكانوا لا يعرفون عيسى حتى جعلوا للفرطوس ثلاثين درهما على أن يعرفهموه فقال لهم: نعم، إذا دخلتم عليه، فإني سأقبله، فهو الذي أقبل، فلما دخل دخلوا معه - وقد رفع عيسى - رأى جرجس في صورة عيسى، فلم يشك أنه هو، فأكب عليه فقبله وأخذوه وصلبوه، ثم إن بطرس ندم على ما صنع، فاختنق بحبل حتى قتل نفسه، فهو ملعون في النصارى، وكان أحد المعدودين من أصحابه.
قوله جل وعز: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين .
525 - أخبرنا ، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز الأثرم ، عن أبي عبيدة: ومكروا ومكر الله : أهلكهم الله.
[ ص: 221 ] 526 - حدثنا علي ، عن أبي عبيد ، عن الفراء ، قوله: ومكروا ومكر الله قال: يقال - والله أعلم - إن المكر من الله، إنما هو استدراجه العباد، وليس على مكر المخلوقين، يعني الخديعة والخبء.