الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
692 - وقد صح عنه عليه السلام أنه قال: "إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله تعالى في اليوم والليلة مائة مرة"  وفي السير أن كبراء قريش جاءوه فقالوا: يا محمد قد استغويت ضعفاءنا وسفهاءنا وذلك حين أظهر دعوته وتبينت براهينه فأمسك عنا حتى ننظر في أمرك فإن تبين لنا اتبعناك وإن لم يتبين لنا كنت على أمرك ونحن على أمرنا فوقع له صلى الله عليه وسلم أن هذا إنصاف ثم نبهه الله بالخاطر والتذكر لما أمره الله تعالى به من إظهار الدعوة وأن يصدع بما أمر به ثم نزل عليه الوحي لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا وما بعده فيكون على هذا ألقى الشيطان في أمنيته أي في سره والقول الآخر عليه أكثر أهل التأويل .

693 - قال سعيد بن جبير "في أمنيته في قراءته" [ ص: 532 ] 694 - وقال مجاهد في قوله 695 - وقال الضحاك : "الأمنية التلاوة" .

قال أبو جعفر: وهذا معروف في اللغة منه لا يعلمون الكتاب إلا أماني فيكون التقدير على هذا ألقى الشيطان في تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم إما شيطانا من الإنس وإما شيطانا من الجن ومتعارف في الآثار أن الشيطان كان يظهر كثيرا في وقت النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب فألقى الشيطان هذا في [ ص: 533 ] تلاوة النبي عليه السلام من غير أن ينطق به النبي صلى الله عليه وسلم والدليل على هذا أن ظاهر القرآن كذا وأن الثقات من أصحاب السير كذا يروون.

696 - كما روى موسى بن عقبة ، عن الزهري ، "ألقى الشيطان في تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم فإن شفاعتهم ترتجى فوقرت في مسامع المشركين، فاتبعوه جميعا وسجدوا وأنكر ذلك المسلمون ولم يسمعوه واتصل الخبر بالمهاجرين في أرض الحبشة وأن الجماعة قد تبعت النبي عليه السلام فقدموا وقد نسخ الله ما ألقاه الشيطان فلحقهم الأذى والعنت" .

قال أبو جعفر: " فقد تبين معنى الآية بهذا وبغيره 697 - وقال ابن جريج ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم قال القاسية قلوبهم المشركون .

قال أبو جعفر: وهذا قول بين لأنهم لم تلن قلوبهم لاتباع الحق والذين في قلوبهم مرض المنافقون.

[ ص: 534 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية