الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
سورة الحشر .

865 - أخبرنا أبو جعفر قال: حدثنا يموت ، بإسناده، عن ابن عباس ، "أنها مدنية" .

[ ص: 56 ] لم نجد فيها إلا موضعا واحدا قال جل وعز ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل في هذه الآية ستة أقوال للعلماء  منهم من قال: هي منسوخة وقال: الفيء، والغنيمة واحد وكان في بدء الإسلام تقسم الغنيمة على هذه الأصناف ولا يكون لمن قاتل عليها شيء إلا أن يكون من هذه الأصناف ثم نسخ الله تعالى ذلك في سورة الأنفال فجعل لهؤلاء الخمس، وجعل الأربعة الأخماس لمن حارب فقال جل وعز واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه الآية وهذا قول قتادة رواه عنه سعيد ومنهم من قال: الفيء خلاف الغنيمة الغنيمة ما أخذ عنوة بالغلبة والحرب يكون خمسه في هذه الأصناف وأربعة أخماسه للذين قاتلوا عليه، والفيء ما صولح أهل الحرب عليه فيكون مقسوما في هذه الأربعة الأصناف ولا يخمس .

، هذا قول سفيان الثوري رواه عنه وكيع.

[ ص: 57 ] وقال غيره من الفقهاء: الفيء أيضا غير الغنيمة وهو ما صولحوا عليه أيضا إلا أنه يخرج خمسه في هذه الأصناف وتكون أربعة أخماسه خارجة في صلاح المسلمين ومنهم من قال: هذه الآية تبيين لما قبلها من قوله عز وجل وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب 866 - وقال يزيد بن رومان: الفيء ما قوتل عليه وأوجف عليه بالخيل والركاب .

والقول السادس:

867 - حدثناه أحمد بن محمد بن نافع ، قال: حدثنا سلمة ، قال: حدثنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر ، في قول الله تعالى: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى قال: " بلغني أنه الجزية، والخراج خراج القرى يعني: القرى التي تؤدي الخراج ".

قال أبو جعفر: أما القول الأول إنها منسوخة فلا معنى له؛ لأنه ليست إحداهما تنافي الأخرى فيكون النسخ.

[ ص: 58 ] والقول الثاني: إن الفيء خلاف الغنيمة  قول مستقيم صحيح وذلك أن الفيء مشتق من فاء يفيء إذا رجع، فأموال الكفار المحاربين حلال للمسلم فإذا امتنعوا ثم صالحوا رجع إلى المسلمين منهم ما صولحوا عليه وقول معمر إنها الجزية والخراج داخل في هذه الآية مما صولحوا عليه وأما قول من قال: إن الآية الثانية مبينة للأولى فغلط؛ لأن الآية الأولى جاء التوقيف أنها نزلت في بني النضير حين جلوا عن بلادهم بغير حرب، وفيهم نزلت سورة الحشر هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر فجعل الله عز وجل أموالهم للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة فلم يستأثر بها صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 59 ] وفرقها في المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا لرجلين سهل بن حنيف ، وأبي دجانة سماك بن خرشة ، ولم يأخذ منها صلى الله عليه وسلم إلا ما يكفيه ويكفي أهله ففي هذا نزلت الآية الأولى والآية الثانية لأصناف بعينهم فقد علم أن ما كان في أصناف بعينهم خلاف ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم وحده ويبين لك هذا الحديث حين تخاصم علي ، والعباس رضي الله عنهما إلى عمر رضي الله عنه في هذا بعينه .

التالي السابق


الخدمات العلمية