الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وأما الآية الخامسة والعشرون فقد تكلم العلماء أيضا فيها فقال أكثرهم: هي ناسخة وقال بعضهم فيها ما نسخ.

[ ص: 70 ] باب ذكر الآية الخامسة والعشرين .

قال جل وعز والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا الآية، أكثر العلماء على أن هذه الآية ناسخة لقوله جل وعز: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج  لأن الناس أقاموا برهة من الإسلام إذا توفي الرجل، وخلف امرأته حاملا أوصى لها زوجها بنفقة سنة وبالسكنى ما لم تخرج فتتزوج ثم نسخ ذلك بأربعة أشهر وعشر وبالميراث واختلف الذين قالوا هذا القول قال بعضهم نسخ من الأربعة الأشهر والعشر المتوفى عنها زوجها وهي حامل، فانقضاء عدتها إذا ولدت وقال قوم: آخر الأجلين وقال قوم هو عام بمعنى الخاص أي والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا لسن حوامل يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا وقال قوم ليس في هذا نسخ وإنما هو نقصان من الحول وقال قوم هما محكمتان واستدلوا بأنها منهية عن المبيت في غير منزل زوجها .

قال أبو جعفر: ونحن نشرح هذه الأقوال ونذكر قائلي من نعرف منهم.

[ ص: 71 ] فممن قال: إن الآية ناسخة وصح ذلك عنه عثمان بن عفان ، وعبد الله بن الزبير حتى قال عبد الله بن الزبير: 255 - قلت لعثمان: لم أثبت في المصحف والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج وقد نسختها والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فقال يا ابن أخي إني لا أغير شيئا عن مكانه فبين عثمان رضي الله عنه أنه إنما أثبت في المصحف ما أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخذه النبي عليه السلام عن جبريل على ذلك التأليف لم يغير منه شيئا.

256 - وأخبرنا أبو جعفر ، قال حدثنا أحمد بن محمد بن نافع ، قال حدثنا سلمة ، قال حدثنا عبد الرزاق ، قال أخبرنا معمر ، عن قتادة ، والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم قال: " نسخها والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا قال متاعا إلى الحول غير إخراج نسختها الربع أو الثمن ونسخ الحول العدة أربعة أشهر وعشر ".  

[ ص: 72 ] 257 - قال أبو جعفر ، وحدثنا بكر بن سهل ، قال حدثنا أبو صالح ، قال حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال: وقوله عز وجل: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم الآية " كانت المرأة إذا مات زوجها وتركها اعتدت منه سنة وينفق عليها من ماله ثم أنزل الله جل وعز بعد ذلك والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا .

إلا أن تكون حاملا فانقضاء عدتها أن تضع ما في بطنها، ونزل ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم فبين الله جل وعز الميراث وترك النفقة والوصية " .

قال أبو جعفر: وأما قول من قال إنه عام بمعنى الخاص فقول حسن لأنه قد تبين ذلك بالقرآن والحديث وسنذكر ذينك

التالي السابق


الخدمات العلمية