الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر أول نوع من أنواع علم الحديث.

قال: الحاكم: النوع الأول من هذه العلوم معرفة عالي الإسناد،  وفي طلب الإسناد العالي سنة صحيحة:

9 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، قال حدثنا أبو النضر ، قال حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس قال: كنا نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يأتيه الرجل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع، فأتاه رجل منهم، فقال: يا محمد، أتانا رسولك، فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك، [ ص: 113 ] قال: "صدق"، قال: فمن خلق السماء؟، قال: "الله" ، قال: فمن خلق الأرض؟، قال: "الله"، قال: فمن نصب هذه الجبال؟، قال: "الله"، قال: فمن جعل فيها هذه المنافع؟، قال: "الله"، قال: فبالذي خلق السماء والأرض، ونصب الجبال، وجعل فيها هذه المنافع آلله أرسلك؟، قال: "نعم"، قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، قال: "صدق"، قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟، قال: "نعم"، قال: وزعم رسولك أن علينا صدقة في أموالنا، قال: "صدق"، قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟، قال: "نعم"، قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر في سنتنا، قال: "صدق" ، قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟، قال: "نعم"، قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا، قال: "صدق"، قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟، قال: "نعم"، قال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن، ولا أنقص منهن، فلما مضى، قال: "لئن صدق ليدخلن الجنة".

قال الحاكم: وهذا حديث مخرج في المسند الصحيح لمسلم، وفيه دليل على إجازة طلب المرء العلو من الإسناد، وترك الاقتصار على النزول فيه،  وإن كان سماعه عن الثقة، إذ البدوي لما جاءه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما فرض الله عليهم، لم يقنعه ذلك، حتى رحل بنفسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمع منه ما بلغه الرسول عنه، ولو كان طلب العلو في الإسناد غير مستحب؛ لأنكر عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم سؤاله إياه عما أخبره رسوله عنه، [ ص: 114 ] ولأمره بالاقتصار على ما أخبره الرسول عنه ".

التالي السابق


الخدمات العلمية