ذكر النوع الثامن والعشرين
من علوم الحديث
هذا النوع منه: معرفة الشاذ من الروايات.
وهو غير المعلول، فإن المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث، أو وهم فيه راو، أو أرسله واحد فوصله واهم.
فأما الشاذ:
فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة.
290 - سمعت أبا بكر أحمد بن محمد المتكلم الأشقر يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول: سمعت يقول: قال لي يونس بن عبد الأعلى ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يرويه غيره، هذا ليس بشاذ، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف فيه الناس، هذا الشاذ من الحديث. الشافعي:
[ ص: 376 ] ومثاله ما:
[ ص: 377 ] 291 - حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه قال: أخبرنا قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا قتيبة بن سعيد ، عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الطفيل معاذ بن جبل:
وكان إذا ارتحل قبل المغرب (أخر المغرب) حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب. أن النبي صلى الله عليه وآله كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر، فيصليهما جميعا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا، ثم سار.
قال هذا حديث رواته أئمة ثقات، وهو شاذ الإسناد والمتن، لا نعرف له علة نعلله بها، فلو كان الحديث عند الحاكم: ، عن الليث أبي الزبير ، عن لعللنا به الحديث، ولو كان عند أبي الطفيل ، عن يزيد بن أبي حبيب أبي الزبير لعللنا به، فلما لم نجد له العلتين، خرج عن أن يكون معلولا.
ثم نظرنا فلم نجد ليزيد بن أبي حبيب ، عن رواية، ولا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عند أحد من أصحاب أبي الطفيل ، ولا عند أحد ممن [ ص: 378 ] رواه عن أبي الطفيل ، عن معاذ بن جبل ، فقلنا الحديث شاذ. أبي الطفيل
وقد:
292 - حدثونا عن أبي العباس الثقفي ، قال: كان يقول لنا: على هذا الحديث علامة قتيبة بن سعيد ، أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، ويحيى بن معين ، وأبي بكر بن أبي شيبة وأبي خيثمة حتى عد قتيبة أسامي سبعة من أئمة الحديث، كتبوا عنه هذا الحديث.
293 - وقد أخبرناه ، قال: حدثنا أحمد بن جعفر القطيعي ، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فذكر نحوه. قتيبة بن سعيد
قال فأئمة الحديث إنما سمعوه من أبو عبد الله: قتيبة تعجبا من إسناده ومتنه، ثم لم يبلغنا عن واحد منهم أنه ذكر للحديث علة، وقد:
294 - قرأ علينا هذا الباب، وحدثنا به، عن أبو علي الحافظ أبي عبد الرحمن النسائي ، وهو إمام عصره، عن ، ولم يذكر قتيبة بن سعيد أبو عبد الرحمن ، ولا أبو علي للحديث علة.
فنظرنا، فإذا الحديث موضوع، وقتيبة ثقة مأمون.
[ ص: 379 ] 295 - حدثني أبو الحسن محمد بن موسى بن عمران الفقيه قال: حدثنا قال: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة صالح بن حفصويه النيسابوري - قال أبو بكر: وهو صاحب حديث - يقول: سمعت يقول: قلت محمد بن إسماعيل البخاري لقتيبة بن سعيد: مع من كتبت عن حديث الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب قال: كتبته مع أبي الطفيل؟ خالد المدايني ، قال وكان البخاري: خالد المدايني يدخل الأحاديث على الشيوخ.
ومن هذا الجنس:
296 - حدثنا الثقة [ ص: 380 ] المأمون أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، من أصل كتابه قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن سيار قال: حدثنا قال: حدثنا محمد بن كثير العبدي قال: حدثني سفيان الثوري ، عن أبو الزبير قال: جابر بن عبد الله الأنصاري رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في صلاة الظهر يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع.
قال: وهذا الحديث شاذ الإسناد والمتن، إذ لم نقف له على علة، وليس عند الثوري ، عن أبي الزبير (هذا الحديث، ولا ذكر أحد في حديثه رفع اليدين أنه في صلاة الظهر، أو غيرها، ولا نعلم أحدا رواه عن أبي الزبير) غير وحده، تفرد به، إلا حديث يحدث به إبراهيم بن طهمان سليمان بن أحمد الملطي ، من حديث زياد بن سوقة ، وسليمان متروك، يضع الحديث.
وقد رأيت جماعة من أصحابنا يذكرون أن علته أن يكون عن محمد بن كثير ، عن إبراهيم بن طهمان.
(وهذا خطأ فاحش، فليس عند محمد بن كثير ، عن حرف، (وهذا كما يقال: قست فأخطأت، فإنهم يرون عند إبراهيم بن طهمان) أبي حذيفة ، عن ، فيتوهمون قياسا أن إبراهيم بن طهمان) محمد بن كثير ، [ ص: 381 ] يروي عن كما يروي إبراهيم بن طهمان أبو حذيفة؛ لأنهما رويا جميعا، عن الثوري ، وليس كذلك فإن أبا حذيفة قد روى عن جماعة لم يسمع منهم محمد بن كثير ، منهم ، إبراهيم بن طهمان وشبل بن عباد ، وعكرمة بن عمار ، وغيرهم من أكابر الشيوخ.
297 - حدثنا أبو الحسين عبد الرحمن بن نصر المصري الأصم ، ببغداد، قال: حدثنا أبو عمرو بن خزيمة البصري ، بمصر، قال: حدثنا ، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن عبد الله الأنصاري ثمامة ، عن أنس قال: كان قيس بن سعد من النبي صلى الله عليه وآله بمنزلة صاحب الشرط من الأمير، يعني ينظر في أموره.
298 - وحدثنا جماعة من مشايخنا، عن أبي بكر محمد بن إسحاق قال: حدثني أبو عمرو محمد بن خزيمة البصري بمصر، وكان ثقة، فذكر الحديث بنحوه.
قال وهذا الحديث شاذ أبو عبد الله: بمرة ، فإن رواته ثقات، وليس له أصل عن أنس ، ولا عن غيره من الصحابة بإسناد آخر.
[ ص: 382 ]