الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي التابعين جماعة ليس لهم إلا الراوي الواحد:  

413 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي ، (عن صالح) ، عن ابن شهاب قال: حدثني محمد بن أبي سفيان بن جارية الثقفي ، أن يوسف بن الحكم أبا الحجاج ، أخبره أن سعد بن أبي وقاص ، قال: [ ص: 469 ] سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "من يرد هوان قريش أهانه الله عز وجل".  

قال أبو عبد الله: لا نعلم لمحمد بن أبي سفيان ، وعمرو بن أبي سفيان بن العلاء بن جارية الثقفي راويا غير الزهري ، وكذلك تفرد الزهري ، عن نيف وعشرين رجلا من التابعين لم يرو عنهم غيره، (وذكرهم في هذا الموضع يكثر).

وكذلك عمرو بن دينار ، تفرد بالرواية عن جماعة من التابعين.

وكذلك يحيى بن سعيد الأنصاري ، وأبو إسحاق السبيعي ، وهشام بن عروة ، وغيرهم، وذكرهم يكثر.

ومثال ذلك في أتباع التابعين ما:

[ ص: 470 ] 414 - حدثناه أبو العباس محمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: أخبرني مالك بن أنس ، عن المسور بن رفاعة القرظي ، عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير ، عن أبيه: أن رفاعة طلق امرأته سهيمة بنت وهب على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا، فنكحها عبد الرحمن بن الزبير، فاعترض عنها، ولم يستطع أن يمسها، فطلقها (فأراد رفاعة أن ينكحها، وهو زوجها الذي كان طلقها)، قال عبد الرحمن: فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: "لا تحل لك حتى تذوق العسيلة".  

قال أبو عبد الله: لم يحدث عن المسور بن رفاعة القرظي غير مالك بن أنس ، تفرد عنه بالرواية، وكذلك زهاء عشرة من شيوخ المدينة لم يحدث عنهم غير مالك.

415 - حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه قال: حدثنا محمد بن غالب (قال: حدثنا أبو حذيفة)، قال: حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن شداد الليثي ، عن رجل ، عن خزيمة بن ثابت ، أن النبي صلى الله عليه وآله، قال: "لا تأتوا النساء في أدبارهن إن الله لا يستحي من الحق".  

[ ص: 471 ] قال: هكذا رواه عبد الرحمن بن مهدي ، عن الثوري ولم يسم الرجل، وقال: عن عبد الله بن شداد الأعرج، فأما عبد الله بن شداد، فإنا لا نعلم أحدا روى عنه غير سفيان الثوري ، وقد تفرد الثوري بالرواية عن بضعة عشر شيخا.

416 - أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه قال: حدثنا محمد بن يونس قال: حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا شعبة ، عن الفضيل بن فضالة ، عن أبي رجاء ، عن عمران بن حصين أنه خرج عليهم وعليه مقطعة خز لم ير عليه مثلها، فقيل له في ذلك، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: "إذا أنعم الله على عبد أحب أن يرى أثر نعمته عليه".  

قال أبو عبد الله: وقد أسند شعبة عن هذا الشيخ حديثين، ولا نعلم له راويا غير شعبة، وليس بينه وبين المفضل بن فضالة نسب ولا قرابة، فإن هذا بصري والمفضل بن فضالة حجازي، وقد تفرد شعبة بالرواية عن زهاء ثلاثين شيخا من شيوخه لم يرو عنهم غيره.

[ ص: 472 ] وكذلك كل إمام من أئمة الحديث قد تفرد بالرواية عن شيوخ لم يرو عنهم غيره، وقد جعلت هذا القدر مثالا للجماعة. والله أعلم وأحكم، وهو حسبي ونعم الوكيل.

[ ص: 473 ] [ ص: 474 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية