ويقال : ثالثا : من المعلوم لكل من له خبرة أن أهل الحديث أعظم [1] . الناس بحثا عن أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلبا لعلمها ، وأرغب الناس في اتباعها ، وأبعد الناس عن اتباع [ هوى ] [2] يخالفها ، فلو ثبت عندهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي هذا ، لم يكن أحد من الناس أولى منهم باتباع قوله ، فإنهم يتبعون قوله إيمانا به ، ومحبة لمتابعته ، لا لغرض لهم في الشخص الممدوح .
ولهذا يذكرون ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - من فضائل علي ، كما يذكرون ما قاله من فضائل عثمان ، كما يذكرون ما ذكره من فضائل الأنصار ، كما يذكرون ما ذكره من فضائل المهاجرين ، وفضائل بني [ ص: 288 ] إسماعيل وبني فارس ويذكرون فضائل بني هاشم [3] ويذكرون ما ذكره من فضائل [ طلحة والزبير ، كما يذكرون ما ذكره من فضائل ] [4] سعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد [ وما ذكره من فضائل الحسن والحسين ، ويذكرون ] [5] من فضائل عائشة ، [ كما يذكرون ما ذكره من ] فضائل فاطمة [6] . وخديجة ، فهم في [ أهل ] [7] الإسلام كأهل الإسلام في أهل الملل : يدينون [8] بكل رسول وكل [9] كتاب ، لا يفرقون بين أحد من رسل الله ، ولم يكونوا من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا .
فلو ثبت عندهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي : هذا فاروق أمتي ، لقبلوا ذلك ونقلوه ، كما نقلوا ه ، ر ، ص : كما قبلوا ونقلوا . قوله لأبي عبيدة : " هذا أمين هذه [ ص: 289 ] الأمة " [10] وقوله للزبير : " إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير [11] " وكما قبلوا ونقلوا [12] قوله لعلي : " لأعطين الراية [ غدا ] [13] رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله " [14] وحديث الكساء لما قال لعلي وفاطمة وحسن وحسين : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا [15] " وأمثال ذلك .


