فصل
قال الرافضي [1] : " وبالجملة زهده لم يلحقه أحد فيه ، ولا سبقه [ ص: 493 ] ( أحد ) [2] إليه ، وإذا كان أزهد [3] كان هو الإمام لامتناع تقدم المفضول عليه [4] .
والجواب : أن كلتا القضيتين باطلة : لم يكن أزهد من أبي بكر وعمر ، ولا كل من كان أزهد كان أحق بالإمامة ، وذلك أن عليا كان له من المال والسراري ولأهله ما لم يكن لأبي بكر وعمر .
وقد روى عبد الله بن أحمد : حدثنا علي بن حكيم ، حدثنا شريك ، عن عاصم بن كليب ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : سمعت عليا قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع ، وإن صدقتي اليوم لتبلغ أربعين ألفا [5] .
وهذا - وإن كان ضعيفا - فهو يقابل لمن قال : إنه كان لا يأكل في العراق إلا خبز الشعير ، مع أن ذلك النقل لا إسناد له .
ولا ريب أن عليا كان له مال أعظم من مال أبي بكر وعمر ، ولو لم يكن إلا ما كان عمر يعطيه وأولاده وأهل بيته ، فإنه كان يعطيهم من المال أعظم مما يعطي سائر قبائل قريش ، ولم يكن عمر يعطي أحدا من بني عدي ، ولا تيم ، ولا غيرهم من القبائل ، مثل ما كان يعطي أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا [6] وحده يوجب سعة أموالهم .
[ ص: 494 ] وعلي له وقف معروف ، فهل يوقف الوقوف من لم يكن له مال ؟ وعمر إنما وقف نصيبه من خيبر ، لم يكن له عقار غير ذلك ، وعلي كان له عقار بالينبع [7] وغيرها .


