وروى عن إبراهيم بن سعد قال : قتل ابن إسحاق عام الطفيل بن عمرو الدوسي اليرموك في خلافة وذكر عمر بن الخطاب ، عن المدائني أبي معشر أنه استشهد يوم اليمامة .
من حديثه أنه دوسا قد عصت . . . الحديث . حديثه عند أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، أبي هريرة .
حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف لفظا منه . قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي غالب البزار ، بالفسطاط ، قال : حدثنا محمد بن محمد بن بدر الباهلي ، قال :
حدثنا رزق الله بن موسى ، قال : حدثنا عن ورقاء بن عمر ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، قال : أبي هريرة ، وأصحابه ، فقالوا : يا رسول الله ، إن دوسا قد عصت وأبت ، فادع الله عليها ، فقلنا : هلكت دوس . فقال : اللهم اهد دوسا وآت بهم . الطفيل بن عمرو الدوسي قدم
قال كان أبو عمر : يقال له الطفيل بن عمرو الدوسي ذو النور ، [ذكر عن الحارث بن أبي أسامة ، محمد بن عمران الأزدي ، عن هشام بن الكلبي ، قال :
إنما سمي الطفيل . . . إلى آخر كلام . ابن الكلبي]
[ ص: 759 ] أخبرنا أحمد بن محمد ، قال حدثنا أحمد بن الفضل ، قال حدثنا قال : حدثنا محمد بن جبير عن الحارث بن أبي أسامة ، محمد بن عمران الأزدي ، عن هشام بن الكلبي ، قال : إنما الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم ذا النور ، لأنه سمي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إن دوسا قد غلب عليهم الزنا ، فادع الله عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اهد دوسا . ثم قال : يا رسول الله ، ابعثني إليهم ، واجعل لي آية يهتدون بها . فقال : اللهم نور له . فسطع نور بين عينيه ، فقال : يا رب ، إني أخاف أن يقولوا مثلة ، فتحولت إلى طرف سوطه ، فكانت تضيء في الليلة المظلمة ، فسمي ذا النور .
قال رضي الله عنه : أبو عمر
للطفيل بن عمرو الدوسي في [معنى ] ما ذكره خبر عجيب في المغازي ، ذكره ابن الكلبي الأموي في مغازيه ، عن عن ابن الكلبي ، أبي صالح ، عن عن ابن عباس ، ابن الطفيل بن عمرو الدوسي .
وذكره عن ابن إسحاق عثمان بن الحويرث ، عن عن صالح بن كيسان ، قال : الطفيل بن عمرو الدوسي ، كنت رجلا شاعرا سيدا في قومي ، فقدمت مكة فمشيت إلى رجالات قريش ، فقالوا : يا طفيل ، إنك امرؤ شاعر ، سيد مطاع في قومك ، وإنا قد خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه ، فإنما حديثه كالسحر ، فاحذره أن يدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا وعلى قومنا ، فإنه يفرق بين المرء وابنه ، وبين المرء وزوجه ، وبين المرء وأبيه ، [ ص: 760 ] فوالله ما زالوا يحدثونني [في شأنه ] ، وينهونني أن أسمع منه حتى قلت : والله لا أدخل المسجد إلا وأنا ساد أذني ، قال : فعمدت إلى أذني فحشوتهما كرسفا ، ثم غدوت إلى المسجد ، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قائما في المسجد . قال : فقمت منه قريبا ، وأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله . قال : فقلت في نفسي : والله إن هذا للعجز ، والله إني امرؤ ثبت ، ما يخفى علي من الأمور حسنها ولا قبيحها ، والله لأستمعن منه ، فإن كان أمره رشدا أخذت منه ، وإن كان غير ذلك اجتنبته . فقال : فقلت : بالكرسفة! فنزعتها من أذني ، فألقيتها ، ثم استمعت له ، فلم أسمع كلاما قط أحسن من كلام يتكلم به . قال : قلت - في نفسي : يا سبحان الله ؟ ما سمعت كاليوم لفظا أحسن منه ولا أجمل . قال : ثم انتظرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انصرف فاتبعته ، فدخلت معه بيته ، فقلت له : يا محمد ، إن قومك جاءوني ، فقالوا كذا وكذا ، فأخبرته بالذي قالوا ، وقد أبى الله إلا أن أسمعني منك ما تقول ، وقد وقع في نفسي أنه حق ، فاعرض علي دينك ، وما تأمر به ، وما تنهى عنه . قال : فعرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلمت ، قلت : يا رسول الله ، إني أرجع إلى دوس ، وأنا فيهم مطاع ، وأنا داعيهم إلى الإسلام لعل الله أن يهديهم ، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه . فقال : اللهم اجعل له آية تعينه على ما ينوي من الخير . قال : فخرجت حتى أشرفت على ثنية أهلي التي تهبطني على حاضر دوس [ ص: 761 ] .
قال : وأبي هناك شيخ كبير ، وامرأتي ووالدتي . قال : فلما علوت الثنية وضع الله بين عيني نورا يتراءاه الحاضر في ظلمة الليل ، وأنا منهبط من الثنية . فقلت :
اللهم في غير وجهي ، فإني أخشى أن يظنوا أنها مثلة لفراق دينهم ، فتحول في رأس سوطي ، فلقد رأيتني أسير على بعيري إليهم ، وإنه على رأس سوطي كأنه قنديل معلق فيه حتى قدمت عليهم ، فقال : فأتاني أبي فقلت : إليك عني ، فلست منك ولست مني . قال : وما ذاك يا بني ؟ قال : فقلت : أسلمت واتبعت دين محمد . فقال : أي بني ، فإن ديني دينك ، قال : فأسلم وحسن إسلامه . ثم أتتني صاحبتي ، فقلت : إليك عني ، فلست منك ولست مني . قالت : وما ذاك بأبي وأمي أنت! قلت : أسلمت واتبعت دين محمد ، فلست تحلين لي ولا أحل لك . قالت : فديني دينك . قال قلت : فاعمدي إلى هذه المياه فاغتسلي منها وتطهري وتعالي .
قال : ففعلت ، ثم جاءت فأسلمت وحسن إسلامها ، ثم دعوت دوسا إلى الإسلام ، فأبت علي وتعاصت ، ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، فقلت : يا رسول الله ، غلب على دوس الزنا ، والربا ، فادع الله عليهم ، فقال : اللهم اهد دوسا . ثم رجعت إليهم . قال : وهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فأقمت بين ظهرانيهم أدعوهم إلى الإسلام حتى استجاب لي منهم من استجاب ، وسبقتني بدر ، وأحد ، والخندق ، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمانين أو تسعين أهل بيت من دوس إلى المدينة ، فكنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله مكة ، فقلت : يا رسول الله ، ابعثني إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه . قال : أجل ، فاخرج [ ص: 762 ] إليه فحرقه ، قال : فخرجت حتى قدمت عليه . قال : فجعلت أوقد النار وهو يشتعل بالنار ، واسمه ذو الكفين ، قال : وأنا أقول :
يا ذا الكفين لست من عبادكا ميلادنا أكبر من ميلادكا
إني حشوت النار في فؤادكا
ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقمت معه حتى قبض .قال : فلما بعث بعثه إلى أبو بكر مسيلمة الكذاب خرجت ، ومعي ابني مع المسلمين عمرو بن الطفيل ، حتى إذا كنا ببعض الطريق رأيت رؤيا ، فقلت لأصحابي : إني رأيت رؤيا عبروها . قالوا : وما رأيت ؟ قلت : رأيت رأسي حلق ، وأنه خرج من فمي طائر ، وأن امرأة لقيتني وأدخلتني في فرجها ، وكان ابني يطلبني طلبا حثيثا ، فحيل بيني وبينه . قالوا : خيرا ، فقال : أما أنا والله فقد أولتها .
أما حلق رأسي فقطعه ، وأما الطائر فروحي ، وأما المرأة التي أدخلتني في فرجها فالأرض تحفر لي وأدفن فيها ، فقد رجوت أن أقتل شهيدا ، وأما طلب ابني إياي فلا أراه إلا سيغدو في طلب الشهادة ، ولا أراه يلحق في سفرنا هذا .
فقتل الطفيل شهيدا يوم اليمامة ، وجرح ابنه ، ثم قتل باليرموك بعد ذلك في زمن شهيدا . عمر بن الخطاب