يوم طلحة أحد بلاء حسنا ، ووقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ، واتقى النبل عنه بيده حتى شلت إصبعه ، وضرب الضربة في رأسه ، وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره حتى استقل على الصخرة ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأبلى [يا طلحة ] أبا بكر . ويروى اليوم أوجب أحد ليصعد صخرة ، وكان ظاهر بين درعين فلم يستطع النهوض ، فاحتمله طلحة بن عبيد الله فأنهضه حتى استوى عليها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوجب طلحة . أخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهض يوم حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا يحيى بن معين ، عن وكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، قيس ، قال : رأيت يد شلاء ، وقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم طلحة أحد ، ثم شهد المشاهد كلها ، وشهد طلحة الحديبية وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة [ ص: 766 ] الذين جعل فيهم الشورى ، وأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض . عمر
وروي ثم شهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إليه ، فقال : من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة . طلحة بن عبيد الله يوم الجمل محاربا لعلي ، فزعم بعض أهل العلم أن دعاه فذكره أشياء من سوابقه وفضله ، فرجع عليا عن قتاله على نحو ما صنع طلحة واعتزل في بعض الصفوف فرمي بسهم ، فقطع من رجله عرق النسا ، فلم يزل دمه ينزف حتى مات . الزبير ،
ويقال : إن السهم أصاب ثغرة نحره ، وإن الذي رماه بسهم فقتله . فقال : لا أطلب بثأري بعد اليوم . وذلك أن مروان بن الحكم فيما زعموا - كان ممن حاصر طلحة - واستبد عليه . ولا يختلف العلماء الثقات في أن عثمان مروان قتل يومئذ ، وكان في حزبه . طلحة
روى عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن حماد بن زيد ، يحيى بن سعيد ، قال :
قال يوم الجمل : طلحة
ندمت ندامة الكسعي لما شريت رضا بني جرم برغمي
اللهم خذ مني لعثمان حتى يرضى ومن حديث صالح بن كيسان ، وعبد الملك بن نوفل بن مساحق ، والشعبي ، وابن أبي ليلى بمعنى واحد : أن رضي الله عنه قال في خطبته [ ص: 767 ] حين نهوضه إلى الجمل : إن الله عز وجل فرض الجهاد ، وجعله نصرته وناصره ، وما صلحت دنيا ولا دين إلا به ، وإني بليت بأربعة : أدهى الناس ، وأسخاهم عليا وأشجع الناس طلحة ، وأطوع الناس في الناس الزبير ، وأسرع الناس إلى فتنة عائشة ، والله ما أنكروا علي [شيئا ] منكرا ، ولا استأثرت بمال ، ولا ملت بهوى ، وإنهم ليطلبون حقا تركوه ، ودما سفكوه ، ولقد ولوه دوني ، وإن كنت شريكهم في الإنكار لما أنكروه ، وما تبعة يعلى بن أمية ، إلا عندهم ، وإنهم لهم الفئة الباغية ، بايعوني ونكثوا بيعتي ، وما استأنوا بي ، حتى يعرفوا جوري من عدلي ، وإني لراض بحجة الله عليهم وعلمه فيهم ، وإني مع هذا لداعيهم ومعذر إليهم ، فإن قبلوا فالتوبة مقبولة ، والحق أولى ما انصرف إليه ، وإن أبوا أعطيتهم حد السيف ، وكفى به شافيا من باطل وناصرا ، والله إن عثمان طلحة ، والزبير ، ليعلمون أني على الحق وأنهم مبطلون . وقد روي عن وعائشة رضي الله عنه أنه قال : والله إني لأرجو أن أكون أنا علي وعثمان وطلحة ، ممن قال الله تعالى : والزبير ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين . وروى عن معاذ بن هشام ، أبيه ، عن عن قتادة ، [ ص: 768 ] قال : نظر الجارود بن أبي سبرة إلى مروان بن الحكم طلحة بن عبيد الله يوم الجمل فقال : لا أطلب بثأري بعد اليوم ، فرماه بسهم فقتله .وروى حصين عن قال : سمعت عمرو بن جاوان الأحنف يقول : لما التقوا كان أول قتيل طلحة بن عبيد الله .
وروى عن حماد بن زيد ، عن قرة بن خالد ، قال : رمي ابن سيرين ، طلحة بن عبيد الله بسهم فأصاب ثغرة نحره . قال : فأقر مروان أنه رماه .
وروى عن جويرية ، يحيى بن سعيد عن عمه قال : رمى مروان بسهم ، ثم التفت إلى طلحة فقال : قد كفيناك بعض قتلة أبيك . أبان بن عثمان
وذكر ابن أبي شيبة قال : حدثنا أسامة ، قال حدثنا قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، قيس ، قال : رمى يوم الجمل مروان بن الحكم بسهم في ركبته . قال : فجعل الدم يسيل فإذا أمسكوه أمسك ، وإذا تركوه سال . قال فقال : دعوه . قال : وجعلوا إذا أمسكوا فم الجرح انتفخت ركبته ، فقال : دعوه فإنما هو سهم أرسله الله تعالى ، فمات فدفناه على شاطئ الكلأ . فرأى بعض أهله أنه أتاه في المنام ، فقال : ألا تريحوني من هذا الماء ، فإني قد غرقت - ثلاث مرات يقولها . قال : فنبشوه فإذا هو أخضر كأنه السلق ، فنزعوا عنه الماء ، ثم استخرجوه ، فإذا ما يلي الأرض من لحيته ووجهه قد أكلته الأرض ، فاشتروا له دارا من دور طلحة آل أبي بكرة بعشرة آلاف درهم فدفنوه فيها .
.
قال : وأخبرنا عن وكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، قيس قال : كان [ ص: 769 ] مروان مع يوم الجمل ، فلما اشتبكت الحرب قال طلحة مروان : لا أطلب بثأري بعد اليوم . قال : ثم رماه بسهم فأصاب ركبته ، فما رقأ الدم حتى مات ، وقال :
دعوه فإنما هو سهم أرسله الله] .
[حدثنا حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير ، عبد السلام بن صالح ، حدثنا حدثنا علي بن مسهر ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، أن قيس بن أبي حازم مروان أبصر طلحة بن عبيد الله واقفا يوم الجمل ، فقال : لا أطلب بثأري بعد اليوم ، فرماه بسهم فأصاب فخذه فشكها بسرجه ، فانتزع السهم عنه ، فكانوا إذا أمسكوا الجرح انتفخت الفخذ ، فإذا أرسلوه سال . فقال دعوه فإنه سهم من سهام الله تعالى أرسله ، فمات ودفن ، فرآه مولى لي ثلاث ليال في المنام كأنه يشكو إليه البرد ، فنبش عنه ، فوجدوا ما يلي الأرض من جسده مخضرا وقد تحاص شعره ، فاشتروا له دارا من دور أبي بكرة بعشرة آلاف درهم ، فدفنوه فيها] . طلحة :
وحدثنا حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، أبيه أن رجلا رأى فيما يرى النائم أن طلحة بن عبيد الله قال : حولوني عن قبري ، فقد آذاني الماء ، ثم رآه أيضا [حتى رآه ] ثلاث ليال ، فأتى فأخبره فنظروا فإذا شقه الذي يلي الأرض قد اخضر من نز الماء ، فحولوه . قال : فكأني أنظر إلى الكافور بين عينيه لم يتغير إلا عقيصته فإنها مالت عن موضعها [ ص: 770 ] . ابن عباس
وقتل رضي الله عنه وهو ابن ستين سنة . وقيل : ابن اثنتين وستين سنة . وقيل : ابن أربع وستين سنة - يوم الجمل . طلحة
وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين .
وقيل : كانت سنه يوم قتل خمسا وسبعين ، وما أظن ذلك صحيحا .
وكان رجلا آدم حسن الوجه كثير الشعر ليس بالجعد القطط ولا بالسبط ، وكان لا يغير شعره ، وسمع طلحة رضي الله عنه رجلا ينشده : علي
فتى كان يدنيه الغني من صديقه إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
وذكر أنه سمع الزبير يقول ، كانت غلة سفيان بن عيينة طلحة بن عبيد الله ألفا وافيا كل يوم . قال : والوافي وزنه وزن الدينار ، وعلى ذلك وزن دراهم فارس التي تعرف بالبغلية .