الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              حرف العين .

                                                              باب عاصم

                                                              1305 - عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ، واسم أبي الأقلح قيس بن عصمة بن النعمان بن مالك بن أمية بن ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن أوس الأنصاري ، يكنى أبا سلمان ، شهد بدرا ، وهو الذي حمته الدبر وهي ذكور النحل ، حمته من المشركين أن يجزوا رأسه يوم الرجيع ، حين قتله بنو لحيان - حي من هذيل .

                                                              وأحسن أسانيد خبره في ذلك ، ما ذكره عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي ، عن أبي هريرة ، قالا : بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية عينا له ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت ، وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب ، فانطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة ، نزولا ذكروا لحي من هذيل ، يقال لهم بنو لحيان ، فتبعوهم في قريب من مائة رجل رام ، فاقتصوا آثارهم حتى لحقوا بهم ، فلما رآهم عاصم بن ثابت وأصحابه لجؤوا إلى فدفد ، وجاء القوم فأحاطوا بهم ، وقالوا : لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلا . فقال عاصم بن ثابت : أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ، اللهم فأخبر عنا رسولك . [فقال :] فقاتلوهم فرموهم حتى [ ص: 780 ] قتلوا عاصما في سبعة نفر ، وبقي زيد بن الدثنة ، وخبيب بن عدي ، ورجل آخر ، فأعطوهم العهد والميثاق أن ينزلوا إليهم ، فنزلوا إليهم ، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم ، فربطوهم ، فقال الرجل الثالث الذي كان معهما : هذا أول الغدر ، فأبى أن يصحبهم فجروه فأبى أن يتبعهم ، وقال : إن لي في هؤلاء أسوة ، فضربوا عنقه ، وانطلقوا بخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة .

                                                              وذكر خبر خبيب إلى صلبه . قال : وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده ليحرقوه ، وكان قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر ، فبعث الله مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم ، فلم يقدروا منه على شيء ، فلما أعجزهم قالوا : إن الدبر ستذهب إذا جاء الليل ، حتى بعث الله عز وجل مطرا جاء بسيل فحمله ، فلم يوجد ، وكان قتل كبيرا منهم ، فأرادوا رأسه ، فحال الله بينهم وبينه .

                                                              ومن ولده الأحوص الشاعر ، واسمه عبد الله بن محمد بن [عبد الله ] بن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح .

                                                              قال أبو عمر : روى شعبة ، عن قتادة ، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يلعن رعلا وذكوان وبني لحيان .  

                                                              وقال حسان بن ثابت الأنصاري :


                                                              لعمري لقد شانت هذيل بن مدرك أحاديث كانت في خبيب وعاصم

                                                              [ ص: 781 ]

                                                              أحاديث لحيان ضلوا بقبحها     ولحيان ركابون شر الجرائم

                                                              في أبيات كثيرة مذكورة في المغازي لابن إسحاق .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية