وذكر الزبير ، عن سفيان بن عيينة ، عن علي بن زيد بن جدعان أن عبد الرحمن بن أبي بكر خرج في فئة من قريش هاجروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل الفتح - قال : وأحسبه قال : إن معاوية كان منهم - وكان [ ص: 825 ] عبد الرحمن بن أبي بكر من أشجع رجال قريش ، وأرماهم بسهم ، وحضر اليمامة مع خالد بن الوليد فقتل سبعة من كبارهم ، شهد له بذلك جماعة عند خالد بن الوليد ، وهو الذي قتل محكم اليمامة ابن طفيل ، رماه بسهم في نحره فقتله فيما ذكر جماعة من أهل السير : ابن إسحاق وغيره . وكان محكم اليمامة قد سد ثلمة من الحصن فدخل المسلمون من تلك الثلمة ، وكان عبد الرحمن أسن ولد أبي بكر .
قال الزبير : وكان امرأ صالحا . وكانت فيه دعابة .
قال الزبير : حدثني عبد الله بن نافع الصائغ ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه أن عمر بن الخطاب نفل عبد الرحمن بن أبي بكر ليلى بنت الجودي ، حين فتح دمشق ، وكان قد رآها قبل ذلك ، فكان يشبب بها ، وله فيها أشعار ، وخبره معها مشهور عند أهل الأخبار .
قال أبو عمر رحمه الله : وشهد الجمل مع أخته عائشة ، وكان أخوه محمد يومئذ مع علي رضي الله عنه .
قال الزبير : وحدثني عبد الله بن نافع بن ثابت الزبيري . قال : قعد معاوية على المنبر يدعو إلى بيعة يزيد ، فكلمه الحسين بن علي ، وابن الزبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، فكان كلام ابن أبي بكر : أهرقلية ، إذا مات كسرى كان كسرى مكانه ؟ لا نفعل والله أبدا . وبعث إليه معاوية بمائة ألف درهم بعد أن أبى البيعة ليزيد ، فردها عليه عبد الرحمن ، وأبى أن يأخذها وقال [ ص: 826 ] .
أبيع ديني بدنياي ، فخرج إلى مكة فمات بها قبل أن تتم البيعة ليزيد بن معاوية .
قال أبو عمر رضي الله عنه : يقولون : إن عبد الرحمن بن أبي بكر مات فجاءة بموضع يقال له الحبشي على نحو عشرة أميال من مكة ، وحمل إلى مكة فدفن بها ، ويقال : إنه توفي في نومة نامها . ولما اتصل خبر موته بأخته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ظعنت من المدينة حاجة حتى وقفت على قبره - وكانت شقيقته - فبكت عليه وتمثلت :
وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
وكانت وفاة عبد الرحمن بن أبي بكر سنة ثلاث وخمسين . وقيل سنة خمس وخمسين بمكة ، والأول أكثر .


