الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1481 - عبد الله بن بديل بن ورقاء بن عبد العزى بن ربيعة الخزاعي، أسلم مع أبيه قبل الفتح، وشهد حنينا والطائف، وكان سيد خزاعة، وخزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: بل هو وأخوه من مسلمة الفتح، والصحيح أنه أسلم قبل الفتح، وشهد حنينا والطائف وتبوك - قاله الطبري وغيره وكان له قدر وجلالة. قتل هو وأخوه عبد الرحمن بن بديل بصفين، وكان يومئذ على رجالة علي رضي الله عنه. كان من وجوه الصحابة، وهو الذي صالح [أهل ] أصبهان مع عبد الله بن عامر، وكان على مقدمته، وذلك في زمن عثمان سنة تسع وعشرين من الهجرة. قال الشعبي: كان عبد الله بن بديل في صفين عليه درعان وسيفان، وكان يضرب أهل الشام ويقول:


                                                              لم يئق إلا الصبر والتوكل ثم التمشي في الرعيل الأول     مشي الجمالة في حياض المنهل
                                                              والله يقضي ما يشاء ويفعل

                                                              فلم يزل يضرب بسيفه حتى انتهى إلى معاوية، فأزاله عن موقفه، وأزال أصحابه الذين كانوا معه، وكان مع معاوية يومئذ عبد الله بن عامر واقفا، فأقبل [ ص: 873 ] أصحاب معاوية على ابن بديل يرمونه بالحجارة حتى أثخنوه، وقتل رحمه الله.

                                                              فأقبل إليه معاوية وعبد الله بن عامر معه، فألقى عليه عبد الله بن عامر عمامته غطى بها وجهه، وترحم عليه. فقال معاوية: اكشفوا عن وجهه، فقال له ابن عامر:

                                                              والله لا يمثل به وفي روح، وقال معاوية: اكشفوا عن وجهه، فقد وهبناه لك.

                                                              ففعلوا، فقال معاوية: هذا كبش القوم ورب الكعبة، اللهم أظفر بالأشتر، والأشعث بن قيس، والله ما مثل هذا إلا كما قال الشاعر:


                                                              أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها     وإن شمرت يوما به الحرب شمرا
                                                              كليث هزبر كان يحمي ذماره     رمته المنايا قصدها فتقطرا

                                                              ثم قال معاوية: إن نساء خزاعة لو قدرت أن تقاتلني فضلا عن رجالها لفعلت.

                                                              وحدثنا خلف بن قاسم، قال: حدثنا عبد الله بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج، حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني نصر بن مزاحم، حدثنا عمر بن سعد، حدثنا مالك بن أعين، عن زيد بن وهب الجهني أن عبد الله بن بديل قام يوم صفين في أصحابه، فخطب، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ألا إن معاوية ادعى ما ليس له، ونازع الأمر أهله، ومن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، وصال عليكم بالأحزاب والأعراب، وزين لهم الضلالة، وزرع في قلوبهم حب الفتنة، ولبس عليهم الأمر، وأنتم - والله - على الحق، على نور من ربكم وبرهان مبين، فقاتلوا الطغاة الجفاة، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم . . . 9: 14 وتلا الآية [ ص: 874 ] .

                                                              قاتلوا الفئة الباغية الذين نازعوا الأمر أهله،  وقد قاتلتموهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله ما هم في هذه بأزكى ولا أتقى ولا أبر، قوموا إلى عدو الله وعدوكم، رحمكم الله .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية