الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1587 - عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي، ابن خال عثمان بن عفان. أم عثمان أروى بنت كريز، وأمها وأم عامر بن كريز البيضاء أم حكيم بنت عبد المطلب. وأم عبد الله بن عامر بن ربيعة دجاجة بنت أسماء بن الصلت، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير، فقال: هذا شبهنا ، وجعل يتفل عليه ويعوذه، فجعل عبد الله يتسوغ ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، [ ص: 932 ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لمسقي، فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء. قيل: لما أتي بعبد الله بن عامر بن كريز إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني عبد شمس: هذا أشبه بنا منه بكم، ثم تفل في فيه، فازدرده، فقال: أرجو أن يكون مسقيا، فكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                              وقد أتي عبد المطلب بن هاشم بأبيه عامر بن كريز وهو ابن ابنته أم حكيم البيضاء، فتأمله عبد المطلب، وقال: ما ولدنا ولدا أحرص منه، وكانت أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم تحت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، فولدت له عامرا أبا عبد الله بن عامر هذا. وقد روى عبد الله بن عامر هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما أظنه سمع منه ولا حفظ عنه.

                                                              ذكر البغوي، عن مصعب الزبيري، عن أبيه، عن مصعب بن ثابت، عن حنظلة بن قيس، عن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر بن كريز، قالا:

                                                              قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد.  رواه موسى بن هارون الحمال، عن معصب بإسناده سواء.

                                                              قال الزبير وغيره: كان عبد الله بن عامر سخيا، كريما حليما، ميمون النقيبة، كثير المناقب، هو افتتح خراسان، وقتل كسرى في ولايته، وأحرم من نيسابور شكرا لله تعالى، وهو الذي عمل السقايات بعرفة.

                                                              قال صالح بن الوجيه، وخليفة بن خياط: وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى الأشعري عن البصرة، وعثمان بن أبي العاص عن فارس، وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز. وقال صالح: وهو ابن أربع وعشرين سنة [ ص: 933 ] .

                                                              وقال أبو اليقظان: قدم ابن عامر البصرة واليا عليها، وهو ابن أربع أو خمس وعشرين سنة، ولم يختلفوا أنه افتتح أطراف فارس كلها، وعامة خراسان وأصبهان وحلوان وكرمان، وهو الذي شق نهر البصرة، ولم يزل واليا لعثمان على البصرة إلى أن قتل عثمان رضي الله عنه، وكان ابن عمته، لأن أم عثمان أروى بنت كريز، ثم عقد له معاوية على البصرة، ثم عزله عنها، وكان أحد الأجواد، أوصى إلى عبد الله بن الزبير، ومات قبله بيسير، وهو الذي يقول فيه زياد يرثيه:


                                                              فإن الذي أعطى العراق ابن عامر لربي الذي أرجو لستر مفاقري

                                                              وفيه يقول زياد الأعجم:


                                                              أخ لك لا تراه الدهر إلا     على العلات بساما جوادا
                                                              أخ لك ما مودته بمزق     إذا ما عاد فقر أخيه عادا
                                                              سألناه الجزيل فما تلكا     وأعطى فوق منيتنا وزادا
                                                              وأحسن ثم أحسن ثم عدنا     فأحسن ثم عدت له فعادا
                                                              مرارا ما رجعت إليه إلا     تبسم ضاحكا وثنى الوسادا



                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية